الرئيسيةدراسات ومقالات

منال رضوان تكتب قطوف وثمار

حلقات خاصة عن الإمام الشافعي

الحلقة الثالثة

لما مات الإمام مالك، وأحس الشافعي أنه نال من العلم ما يعينه على طريقه، وكان إلى ذلك الوقت فقيرًا اتجهت نفسه إلى عمل يكتسب منه ما يسد حاجته، وصادف في ذلك الوقت أن قدم إلى مكة المكرمة والي اليمن، فكلمه بعض القرشيين في أن يصحبه، فأخذه ذلك الوالي معه، ويقول الشافعي في ذلك: «ولم يكن عند أمي ما تعطيني ما أتحمل به، فرهنت دارًا فتحملت معه، فلما قدمنا عملت له على عمل»، وفي هذا العمل تبدو مواهب الشافعي، فيشيع ذكرُه عادلًا ممتازًا ، ويتحدث الناس باسمه في أنحاء مكة. ولما تولى الشافعي ذلك العمل أقام العدل، وكان الناس يصانعون الولاة والقضاة ويتملقونهم، ولكنهم وجدوا أن الشافعي لم يفعل، وفي ذلك يقول:
«وليت نجران وبها بنو الحارث بن عبد المدان، وموالي ثقيف، وكان الوالي إذا أتاهم صانعوه، فأرادوني على نحو ذلك فلم يجدوا عندي».

كما اتصف الإمام الشافعي بالذكاء والفطنة والفراسة ومما يحكى عنه:
في يوم من الأيام ، ذهب أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي، وقال له :كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟، ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل، فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب، فقال له:
– هل أوجعتك؟
قال : نعم، أوجعتني،فقال الشافعي : كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟
فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي، وأدرك أن الشيطان كذلك : خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار.
ومن أشعار الإمام..


وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
ولست بهياب لمن لا يهابني
ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني، تدن منك مودتي
وإن تنأ عني، تلقني عنك نائيًا
كلانا غني عن أخيه حياته
ونحن إذا متنا أشد تغانيا


……………..
توكلت في رزقي على الله خالقي
وأيقنت أن الله لا شك رازقي
وما يك من رزقي فليس يفوتني
ولو كان في قاع البحار العوامق
سيأتي به الله العظيم بفضله
ولو، لم يكن من اللسان بناطق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة
وقد قسم الرحمن رزق الخلائق

هوامش،
– ديوان الشافعي حبر الأمة وإمام الأئمة. تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، مكتبة الكليات الأزهرية طبعة ثانية ١٩٨٥
– ديوان الإمام الشافعي، تقديم وتعليق دكتور إسماعيل العقباوي، دار الحرم للتراث ٢٠٠٧

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى