دراسات ومقالات

وليد محمد حسني يكتب رحلة مع النبي

الحلقة (٥)

الصدمة … لم تكن صدمة واحدة بل صدمتين
هيا يا صديقي نقف بعيداً عن هذه الحرب الدائرة ونراقب ماذا يحدث لهذا الطفل الذي ما إن بدأ يخرج من عباءة الطفولة سليماً سويا إذ بأول سنوات شبابه وبمصطلح علم النفس ( المراهقة ) يكون شاهدا على تلك الحرب التي اندلعت بين القبائل .

وكلمة الحرب يا صديقي لا تأتي ابدا وحيدة تأتي مع الدمار والفقد الخسارة والخطر …. الفراق والموت …. الدماء والدموع .

فجأة تندلع الحرب ولا مجال للفر …. ويتحول الأمان إلي خطر
وتصبح قريشا طرفا في هذه الحرب التي نشبت بين قبيلة كنانة ( وتضم قريشا) من جهة وقبائل قيس عيلان ( وتضم قبائل هوازن وغطفان) من جهة ثانية . واستمرت الحرب 4 سنوات .
كان النبي وقتها في عمر الخامسة عشر تقريبا ويقال أنه شارك في هذه الحرب وكان دوره جمع النبال ومساعدة أعمامه في الرمي .

وهنا يا صديقي نقف عند تلك المشاعر النفسية التي مرت على ذلك الفتى وهو يرى ويلات الحرب ويسمع صراخ الأمهات الثكالى ودموع الزوجات اللاتي فقدن أزواجهن.
وحتى الأمان لم يعد له وجود لقد اخترقوا كل الحدود حتى في الأشهر الحرم لذلك سميت هذه الحرب ب ( حرب الفجار) .

كل هذا مر على قلبه وعقله وقام بتشكيل وجدانه وشخصيته بشكل إيجابي وهذا ما وجدناه خلال سيرته العطرة من التسامح وأن يكون رفع السيف هو آخر الحلول.

ولكن يا صديقي دعك من هذا هناك صدمة أشد تلقاها هذا الفتى في بداية شبابه في هذا السن المبكر الذي يبحث فيه عن هويته وعن ذاته وعن انتماءاته .
إنها صدمة في المجتمع الذي يعيش فيه الذي كان يعتقد أنه مجتمع قوي موحد لديه قيم ومبادىء يتمسك بها .
لقد انكشفت هشاشة هذا المجتمع أمامه فها هي ذا حرب قد اندلعت من أجل أخطاء فردية …. شخص واحد فقط يقوم بعمل ضد قبيلة أخرى فتندلع الحرب بين القبيلتين … ما هذا التعصب الأعمى البغيض … أهكذا تصير الأمور بلا عقل أو حكمة ؟؟!!!
وما زاد الأمر سوءا هو تعديهم على حرمات الله فلم يكن هناك مراعاة أنهم في الأشهر الحرم فقد استمروا في حربهم دون توقف وهكذا انفصح الأمر أمامه فقد اكتشف هشاشة الوضع في الجزيرة العربية وسهولة إنهيار كل شيء بخطأ يرتكبه أحدهم فينهار كل شيء .
هذه الحرب كشفت هشاشة الحرمات عند العرب وسهولة اختراقها عند تعارضها مع مصالحهم الشخصية أو قيم الثأر والانتقام التي يحملونها .

لقد رأي النبي كل هذا …. لقد رأى فساد المجتمع
وهنا يبرز السؤال … هل تأثر النبي ؟ وكيف كان التأثير ؟
هذا ما نجيب عنه الحلقة القادمة إن شاء الله

وليد محمد حسنى

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى