دراسات ومقالات

حسن أجبوه يكتب تسامي الروح فى ” الأطراف تسمع.. أحيانا “لريم محمد

تفاصيل دقيقة تلك التي تسمو بنا الى عالم ميتافيزيقي الهوى، تمثال صنمي جامد جمود الجبال ، تحول في مشهد فنتازي رائع، لكيان مرهف يتماهى مع موسيقى الروح، فاكتملت أنسنته وارتقت حواسه الاربع ( ترى ماهي في نظركم الحاسة المتبقية؟) لتتفاعل مع المقطوعات الحية الخالدة ومع تفاصيل عازفيها..

تواجده بالمكان ( قاعة فسيحة تتواجد بها تماثيل ولوحات ) تواجد انطولوجي و حتمية الخلود سحرية خلقتها الموسيقى والأنسنة حركتها ترانيم المقطوعات الخالدة، هو استلهام لعبقرية بيتهوفن ذلك الخالد الأصم الذي أبدع سمفونيات تعجز العقول عن ادراك عبقريتها.

كان بوده استنساخ فكرته ووجوديته لكل التماثيل القريبة منه، ليخلق منها جمعا فريدا متميزا عن البشر، كيانات تحترم الذوق الرفيع وتتسامى معه، لذلك كان يلمعها وكأنه يترقب بفارغ الصبر مصاحبتها له في هذه المدهشية السوريالية. قلوقع الموسيقى الرهيفة الخلود والتسامي والابداع المتواصل. لذلك نجد أن الخاتمة أخرجت إلينا كنه الوجدان، فصفق لهذه التحفة بعالمه المتسامي.
نص غاية بالروعة، بالمزيد من النجاح.

النص :

الأطراف تسمع…..أحيانا

 

سلّم المقطوعة بكلّ براعة لزميلتهِ التي أكملت بحركاتٍ رشيقة على كمانها ومن على كرسيها الذي يشكل حلقة شبه دائرية مع العازفين الستة، كلٌّ يطلق بدوره أو يجتمع مع رفيقه بانسيابٍ تامّ، كنتُ أراقبُ حركاتهم بشغف، وأنا أتابعُ مهمّتي.

لوحة غاية في الدّقة حركاتهم حتى أنّها بروعتها تضاهي بريق المكان وفخامة اللّوحات الموضوعة في الأروقة وعلى الجدران، التماثيلُ الجاثمة بكلّ أبهة على الزوايا تشبهني كثيراً، فقط أنا أتحرّك وأبدي إعجابي وهي لاتتحرّك …

العازفة على التشيللو كانت الأبرع في عكسِ ردودها، تنسابُ تعابيرُ وجهها وتتلاصق مع انعكاسها في عينيّ لتزيد تخيلي بشغف النّغم وحلاوته، حتى أنني كنت أنجحُ في توقّع العازف الذي سيستلمُ منها ويكمل وأرى الثّناء المعكوس بريقاً على عيون البقيّة …

بارعة كانت ومميّزة ، وبعينيّ اللتين لاتتركا تفصيلة تمرّ دون أن ترفقها بالمقطوعة لاحظتُ حركاتِ أقدامهم المتماهية مع الموسيقا….

أدركُ أنني لا أستمتع مثل الآخرين باللّحن ، غير أنّ قلبي يخفقُ بشدّة وحواسي الأربع ترفعني إلى درجةٍ تفوّقتٌ فيها على التّماثيل التي كانت تجاورني في الرّواق ، والتي أشرفت يديّ -ومنذ أعوامٍ – على تلميعها وتنظيفها، حتى حفظتُ كل ثنياتها الدقيقة، …

فجأةً وجدتّني أصفّق لبراعةِ معزوفتهم التي ارتبطت بأحاسيسي حتى سموتُ ، وفهمت جيّداً لمَ استمرّ بيتهوفن حتى النهاية …

تمت
ريم

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى