“دورا سلوان وادي السير.. وبالعكس”.. أمل العودة الذي لا يموت
عمّان
لأنّ لكلّ إنسانٍ روايته التي يجب أن تخرج وتُروى؛ يروي عادل بصبوص في كتابه “دورا سلوان وادي السير.. وبالعكس” سيرةً ذاتيّةً يعود بها إلى الوراء سنوات طوالاً لشقّ كُتل الأعوام واستعادة أحداثها وما رافقَ لحظاتها من شعور؛ ضمّ الكتاب الصّادر عن “الآن ناشرون وموزّعون” في 396 صفحة حَكايا ذاتيّة ومرويّاتٍ لكلّ مرحلة عاشها الكاتب في ثلاثة أمكنة: دورا، سلوان، وادي السير. تتبّع السيرةُ حياة كاتبها الشخصيّة التي بدأت في “دورا” (بلدة فلسطينيّة في محافظة الخليل) التي لجأت إليها عائلته التي تعود أصولها إلى قرية “الدوايمة”، تعاني عائلته بداية حياتها في بلد اللجوء الفقرَ وصعوبة العيش، ثم تنتقل إلى “سلوان” إحدى ضواحي مدينة القدس لتبدأ حياتهم في بيتٍ صغير يعانون الفقرَ نفسه، يكبر (عادل) مع إخوته في ذلك البيت ويذهب إلى المدرسة حتّى تندلع الحرب ثانية ليجد نفسه مع عائلته في “وادي السير”، يتفوّق عادل -في ظلّ حياة الفقر- في المدرسة، ثمّ يجد نفسه مضطرّاً إلى العمل لمساعدة أهله في تأمين عيشهم وتأمين كلفة دراسة أخيه إبراهيم في لبنان، فيعمل إلى جانب دراسته أعمالاً شاقّة بالنسبة لطفل لم يكن يومها قد بلغَ الثانية عشرة من عمره؛ يعمل في سوق الخضار عتّالاً ثمّ عاملاً في ورشات البناء. يستمرّ الكاتب في سرد أحداث حياته، لنعرف أنه كان -بالرغم من حياة الفقر وضيق العيش وازدياد أفراد عائلته- متفوّقاً على زملائه، حتى حقق في امتحان الثانوية العامّة مجموعاً مكّنه من دراسة الهندسة في الجامعة الأردنيّة، يتخرّج عادل في الجامعة لتبدأ حياته العمليّة التي تضمّنت سفراً يمكّنه من التقدّم في عمله، ليستطيع وعائلته الانتصار على الفقر آنذاك وتوسيع بيت العائلة، يُكمل الكاتب سرد حياته، يتزوّج، ينجب أطفالاً يتقدّم في عمله…
أوّل ما نلمحه في هذه السيرة قدرةُ الكاتب على سرد أحداث حياته بشكلٍ يجعل القارئ متطلعاً وفضوليّاً لمعرفة ما سيرويه الكاتب في الفصل التالي كأنّنا أمام عمل روائيّ كامل العناصر، فكما يقول جورج ماي:”الرواية والسيرة الذاتيّة هما شكلان يمثّلان قطبين لجنسٍ أدبيّ مترامي الأطراف!”، ثمّ نلمحُ مكوّناً داخليّاً في السيرة هو (العنوان)، لنجد أنّ عنوان كلّ فصلٍ يحمل للقارئ متعة لما سيقدّمه الفصل؛ إذ جاء الكتاب في عدّة فصولٍ قسّمَها على فترات حياته، فنجد مثلاً عناوين تُضفي في النصّ متعة مثل:”وحياة ألبي وأفراحه” و”يا دبلة الخطوبة!” و”عريس لقطة” وغيرها. ثمّ نجد أنّ اللغة في الكتاب سلسلة، بكلّ تعابيرها وصياغتها، تناسب استذكار الأحداث واسترجاع الذِّكريات. يذكر الكاتب أخيراً وصف هذه السيرة عنده:”لم أكن أستعيد الأحداث والذكريات فقط؛ وإنما أعيشها بكلّ تفاصيلها مرّة أخرى، فكثيراً ما توقّف القلم عن الكتابة في ذروة الانفعال وانهمار الدموع من المآقي.. كانت تجربة فريدة امتزجت فيها البهجة بالألم على مدى سبعة شهور متتالية لتكتمل في النهاية فصول هذه الحكاية”.
“انتهت السطور ولم تنتهِ رحلة العمر فما زال على هذه الأرض ما يستحقّ الحـياة.”.
يُذكر أنّ عادل بصبوص باحث ومتخصص في سياسات الإسكان والتنمية المحلية. حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية من الجامعة الأردنية 1981. حاصل على دبلوم عالي في دراسات الإسكان – معهد الدراسات الإسكانية – روتردام – هولندا 1991. لديه خبرات واسعة في سياسات واستراتيجيات الإسكان وتقييمها وفي برامج التنمية المحلية ومكافحة الفقر وفي إدارة الجودة والتميز، مُقَيِّم معتمد من مركز الملك عبد الله الثاني للتميز – جائزة الملك عبد الله الثاني لتميز الأداء الحكومي والشفافية. كاتب مقالات في مجالات الشأن العام والتنمية وقضايا الإسكان.