أخبار ثقافيةأخبار عاجلة

مناقشة رواية في الخيال العلمي الجانوس لعبير عبد الجليل

كتب متولي بصل

بحضور عدد كبير من أدباء وشعراء دمياط.
ناقش الرواية:
الكاتب الكبير سمير الفيل
الكاتب الكبير فكري داود
الكاتب والمخرج حلمي يس
الكاتبة و القاصة مها السيد الخواجه
الكاتبة والروائية جيهان عوض البنا
مع مداخلات عدد من الأدباء والكتاب
أ. صلاح مصباح
أ. محمد بربير
أ. عزت الخضري وأ إبراهيم الديب والعديد من المشاركات للأدباء والنقاد، حيث
أدارت اللقاء الكاتبة مها السيد الخواجه.
بالمقر المؤقت لنادي الأدب باستاد دمياط الرياضي.
وعبر صفحته وجه الأديب والناقد متولي بصل الشكر للنقاد والأدباء والشعراء الذين أثروا الندوة بحضورهم المتألق.
ورواية الجانوس هي العمل الأول للكاتبة عبير عبد الجليل وتدور فكرتها في إطار الخيال العلمي ومن أجواء العمل نقرأ:
صفحات من رواية ( الجانوس )للأديبة المصرية عبير عبدالجليل

الجانوس
رواية
الأديبة المصرية / عبير عبد الجليل
صادرة عن دار غراب للنشر والتوزيع
في عمق الصحراء التي يطويها السكون، وبين تلك الصخور التي تزين
جبالها الوعرة؛ تسقط صخرةٌ صغيرةٌ وترتطم بالأرض فجأة محدثة صوتًا
مدويًا؛ لينتبه ذلك الكائن المخيف؛ ولتترامى على مسامعه بعدها أصوات
مصطنعة تتراقص أصداؤها في أذنيه، تشتته وتصيبه بالتيه والذعر، يتلفت
حوله مذعورًا؛ ليلمح أشباحًا تقفز فجأة من هنا لهناك بسرعة مذهلة تخطف
الأنفاس، لا يستطيع من سرعتها تبين ماهيتها، ليتفاجأ من خلفه بفتاة بشرية
تصوب بسهمها البدائي عن قرب ما بين عينيه فترديه أرضًا صريعًا، يتآكل
وجهه وجسده، ليفارق الحياة؛ فتفر وتختفي سريعًا لا يُرى لها أي أثر وكأنها
شبح.
ينطلق من مركبته الفضائية لحظة وفاته إنذارٌ بصوت مرعب يرج أرجاء
المكان، وتتواصل مركبته بأسطولهم الأم آليا؛ لتغزو السماء بعدها بوقت
قصير وتقذف بلا رحمة، قنابلهم الفتاكة تمحو مناطق شاسعة وما حولها ولا
يُرى منها إلا نيران وغبار أتربتها التي تصاعدت إلى السماء.
*
في أعماق الأرض نغوص، نختبئ كما الزواحف في الرمال، فارين
مذعورين مشتتين، جوعى ومطاردين في الصحاري والجبال وبين الصخور،
على مد البصر نطوي الأرض طيًا حيث اللانهاية في السعي حيث لا حدود
بين الأوطان؛ لتصبح الأرض كقطعة واحدة
10
ولولا أننا وجدنا ذلك النهر الداخلي داخل كهوف عظيمة مستورًا عن
أعيننا وأعين أعدائنا في أعماق أراضي العرب تحديدًا في الصحراء الغربية ما
بين مصر وليبيا ونحن الآن لا ندري ما الذي حدث لباقي البشر، ولم يعد
يسعنا الخروج على سطح الأرض إلا في الظلام بحثًا عن الطعام، أو استعدادًا
للرحيل؛ لإيجاد مأوى جديدٍ بعد سنوات من الشتات والبحث عن مأوى
“وجدناه قدرًا طيبًا”
والآن في وجود ذلك النهر نحن مؤمَنين بالماء، وسنجرب الصيد؛ لتأمين
الطعام لجموعنا، نحن لم نكتشف كنه ذلك المكان بعد؛ رغم الرعب الذي
أصابنا منه في بداية الإيواء، إلا أننا نشعر هنا بالأمان، فقط علينا اختيار
أماكن الإقامة على أحد ضفتيه إن كان ذلك ممكننا، أو سنضطر لبناء جسور؛
لتيسير الحركة وبناء قوارب بدلاً من تلك الجذوع التي تحملنا على ظهرها
لاجتياز واكتشاف ذلك النهر إن وجدنا بعض جذوع الشجر الذابلة في تلك
الصحراء الشاسعة ممتنين لله أولاً، شاكرين أنعمه علينا ولتلك اللحظات
القدرية التي اكتشفنا فيها ذلك النهر العظيم.
أعلم أن الفضول يزاملكم، وهناك سؤال يغزو أذهانكم الآن: كيف
اكتشفناه؟
“دعوني أروي لكم ذلك”
*

11
البداية
في إحدى الليالي شديدة الحلكة، قبيل الفجر، تتحرك مجموعة من شباب
الكشافة بسرعة خاطفة دون إصدار أي صوت، يرتدون زيًا يشبه لون الرمال
التي يتحركون عليها، يعدو كل منهم سريعًا ثم يتخفون داخلها بطريقة تشبه
حركة الأفاعي في التخفي داخل الرمال، مستعينين بأنبوب صغير يترك طرفه
على سطح الأرض والطرف الآخر ملتصق بأُنوفهم؛ ليسهل عليهم التنفس
داخل الرمال، يكتسبون مع العرق صبغة ورائحة مضللة قليلاً من الوقت،
ثم يكملون العدو مخلفين وراءهم مجموعات مهولة من الرجال والنساء
والأطفال الرُحل، ينادي فيهم رجل كبير في السن والمقام: هيا تحركوا سريعًا
قبل الإشراق؛ حتى لا يرانا أحدٌ
اقترب منه شاب صغير فيما دون السابعة عشر من العمر؛ ليحاوره
قائلاً:
ماذا إن لم نجد كهف الجد عائد؟
قال له:
سنجده قريبًا، سنجده إن شاء الله.
12
يمسح الشاب علي رأسه بعنف، كاظ ما غيظه ثم يتحرك مبتعدًا سريعًا لتلحق به فتاة من نفس عمره تقول له:
اهدأ أيها الغاضب، لم أرك غاضبًا هكذا من قبل.
فالتفت إليها قائلاً: ولم أرك بهذا الهدوء من قبل.
قالت: وماذا عساي أن أفعل في كل تلك الصحراء الشاسعة؟ هل عليَ أن
أقفز على الرمال، وأقول لهم ها أنذا، تعالوا واقتلوني يا ذوي العيون المتدلية
قال: هلا تركتني وحدي قليلاً من فضلك؟
قالت: لا
قال: ولمَ
قالت: لأنني أشد غضبًا منك؛ فأنا مقيدة لا أستطيع الحركة عشوائيًا
هكذا دون تخطيط للخطوات القادمة ودون فهم ووعي بما حدث مؤخرًا،
وما علي فعله حاليًا؟ وما هو دوري في تلك الحياة؟ لقد سئمت من ذلك
العفن وتلك الرائحة من العرق الممزوج بالرمال، نحن ندفن أنفسنا أحياءً
نهارًا، وننفض عن أنفسنا الرمال ليلاً، وكأننا أموات استيقظوا من القبور!
قال: نحن هنا عالقون وأنت سبب ذلك.
قالت: تلقون باللوم دائ ما عليَّ؟ حتى أنت يا أخي، لم أكن أقصد ذلك قط.
قال: وما الفائدة من عدم قصدك ذلك؟ لقد حذرك عمنا بعدم الاقتراب
من العدو ولم تستجيبي لذلك.
قالت: ولقد حذرك عمنا أيضًا ألا تعبث بأدمغتهم خشية استشعار
بعضهم بجثث ذويهم.


13
قال: لكنهم لم يكتشفوا المأوى إلا عن طريق تتبع رائحتك، لقد اقتفوا
آثار قفزاتك المعطرة أيتها الذكية على الصخور.
فوكزته في صدره وقالت: أتقصد كهذه، وظلت تقفز لأعلى يمينًا ويسارًا
وتستند على رمحها لتتشقلب في الهواء وهي غاضبة، وبدا على وجهه تعبيرات
تدل على السخرية منها قائلاً:
نسيتُ أنك تحبين إبراز فتوتك-أيتها القطة المدللة- أمام الجميع.
صاح العم: كُفا عن الضجيج والشجار أرجو أن تدركا أنكما أصبحتما
راشدين ولم تعودا طفلين، سينفذ هواء الفجر “غاز الأوزون” قريبًا، وسيفيق
هؤلاء فلا تكونا سببًا لمعرفتهم بموقعنا هذه المرة أيضًا فنهلك.
وأثناء شقلبتها في الهواء، ونزولها لتلامس الأرض بعد قفزة عالية محبطة
من تأثير كلماته؛ انهارت الأرض تحت أقدامها وسقطت في حفرة أُحدثت من أثر سقوطها على الأرض.
لقد وقفتُ في ذهول تمامًا حينها، إنه أنا رجاء، والتي سقطت في الحفرة
توًا أختي سيلا، دائ ما ما نتشاجر معا لكننا متعلقين ببعضنا البعض منذ وفاة أبوينا ونحن صغار
وقف الجميع مذهولين، وهرع عمنا نحو الحفرة، وافترش الأرض
ليتفحص الحفرة ونادى على ابنة أخيه سيلا هل أنت بخير؟ لم تنطق بحرف،
أمرني أن أمسك به جيدًا كي يتدلى وينظر بالأسفل، لم يستطع رؤية أعماق الحفرة
جيدًا، لكنه وجد أسفل الهوه انعكاسًا ما وكأنه ماء يتحرك، ظهر انعكاسه على
بعض الصخور، فقال: أريد حبلاً، هلا بحثتم لي عن حبل؟ قالها منفعلاً فنادى
بعضهم البعض باحثين عن أية حبال معهم، فأعطوه أحدها.


14
فقال رجاء: اربطني أنا، وسأتفحص المكان، فربطه بالحبل وأنزله ونادى
عليه فلم يستجب هو الآخر، فارتعد العم ونادى مرة أخرى، ثم نادى عدة
مرات، فرد عليه هذه المرة قائلاً: لابد أن ترى ذلك بنفسك، أمسك بعض
الرجال أطراف الحبل ونزل العم ليرى مشهدًا في غاية الجمال، نهر عظيم، مياهه
نقية شفافة، لكن تياراته قوية، يمر داخل كهف ضخم تحت الأرض لطوله
وكبر حجمه تتدفق المياه من الجنوب من أعالي جدران سقفه وتنحدر وتجري
نحو الشمال الشاسع، أتت سيلا عدوًا من بعيد من جهة الشمال، فقال عمها:
أين كنت لقد ناديت عليك كثيرًا ألا تطمئنينا عنك ولو برد بسيط أولا؟ِ
قالت: لقد أسرني جمال المكان كنت أتفحص طول النهر، إنه كبير جدًا
ولم أستطع بلوغه من هذه الضفة فأطرافها ضيقة ولابد من العبور للضفة
الأخرى، ففيها متسع لنا جميعًا، أعتقد أنه أفضل مأوى لجأنا إليه إلى الآن،
فلينزل الجميع سريعًا قبل الإشراق.
العم: وهل يتسع المكان للجميع؟
سيلا: أرجو من الله ذلك؛ فهناك متسع وإن لم يكفنا نحاول العبور للضفة
الشرقية.
بدأ الجميع بإنزال الأمهات حاملات الأطفال، وبعض الرجال يتعاونون
لصنع سلم قوي من صخور الكهف؛ حتى يسهل على الجميع النزول،
وبالفعل تم صنع السلم سريعًا لينزل الجميع.
سيلا: لم نفكر إلى الآن كيف نخفي تلك الفتحة التي في الأعلى؟
رجاء: إن الفتحة صغيرة جدًا وإخفاؤها أمر سهل، نحتاج لألواح من
الخشب.

أخبار ثقافية –  أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى