Uncategorizedساحة الإبداع

إبراهيم الديب يكتب ” الفوضى أصل النظام”

يتصل بي أحدهم تيجي تشرب معايا قهوة..
– تمام خمس دقائق واقابلك.
وبعد تناول القهوة يطلب مني هذا الشخص :
معلهش دقيقتين نوصل ميدان الشهابية فى دمياط ها أقول لواحد كلمتين كده على السريع، حاجة ضرورية والله فأقول:
– ماشي ولا يهمك ،ما فيش مشاكل، وبعد الانتهاء من موضوع الشهابية والراجل الذي قال له الكلمتين آل على السريع، ونحن في طريق العودة لمنازلنا مرة أخرى.

يخبط هذا الشخص رأسه بدرجة ملفته ومفاجئة علامة أنه تذكر أمرا هاما أو خطيرا: بعد أن أصبح اتجاه الموتوسيكل في الناحية الأخرى المغاير لبيوتنا، ثم قائلا: الحمد لله إني افتكرت، و أنا لسة هنا عندي: موضوع هايف كده في الشعراء وهو ينظر إلى ،أومئ برأسي علامة يفهم منها الموافقة قبل أن أقول له:
– عادي ولا يهمك المهم نرجع قبل العصر فيقول:
– يا عم عصر إيه يا عم الحاج إللي أنت بتتكلم عنه ،إحنا إيه إللي يأخرنا للعصر، ثم يرد على مكالمة تليفونية فيؤجل مشوار الشعراء كما وعد الطرف الثاني على الهاتف، من أجل قضاء :موضوع البصارطة العاجل أولا ،وبعد الانتهاء وبعد مغادرة البصارطة واغلاق موضوعها المعقد الذي بذلنا فيه مجهودا ذهنيا لننتهي منه ، يقول:
– والله كويس آل إحنا لسة هنا أنا ربنا بيحبني، أنا ابن حلال مصفي ونيتي سليمة وزي الفل، نروح :أولاد حمام نخلص من أم الموضوع القديم الرخم ده بالمرة موجها حديثه لي: أصل أنا زهقت من الراجل الغتت السقعان ده الذي لا يكف عن الرن على التليفون اعوذ بالله من ده بشر، ثم أستاذن راجياً أن يتوقف بالموتوسيكل أمام مسجد لنصلي العصر أدخل أنا وهو؛ ينتظرني على القهوة المجاورة للمسجد لأنه سيربط سلك الدبرياش، ومعاه اتنين: مولتو من؛ أبو خمسة جنيه, ثم يطلب لنا شاي يعقبه مباشرةً قهوة ،تتصل به زوجته وتغلظ له حينا وتتوسل إليه أحيانا أخرى أن لايستخف بوعوده معها ثم بنبرة عقلانية:أنت فين من الصبح فيرد عليها بنبرة تودد وضعف لا يخلو من رجاء:

– خمس دقائق وأكون عندك ومعايا الغداء صدقيني المرة دي،وبعد أن ننتهي من موضوع الشعراء الذي هو أصعب ألف مرة من مشكلة البصارطة. تحدثه زوجته مرة أخرى في التليفون: فيكون رده هذه المرة : عليها بعدة سيناريوهات يبدو فيها ضحية ظروف قاسية، سيئة، تتربص دوما وتؤخره عن الوفاء بوعوده معها، ليس فيها سيناريو واحد صحيحا ثم :دقيقتين وأكون عندك قبل أذان المغرب فأقول له:
– يا عم دقيقتين أيه إحنا في: فارسكور، ولم ننتهي حتى الأن من شراء طعام وجبة للغداء إلى الأن، فيقول :
– بلامبالاة، وبرود، وهدوء نفسي لا أعرف مصدره ،
– أصل وانت بتصلي أتصلت بالراجل بتاع؛ سوق سمك القنطرة واتفقت معه أن يشوي لك شبار على سردين،والله بيقول أن النهاردة السمك أيه خطير وحذرني إنك تخلي بالك من صوابعك وأنت بتأكل ، وأنا بردوا زيك، شبار على سردين،ثم بهدوء أشد منذ أن انطلقنا: لم يعد إلا أن يتصل كل منا بأهل بيته من أجل طبخ لقمة أرز سخنة، بذمتك فيها حاجة دي ، والله الدنيا جميلة وحلوة، ولا فيه أي مشكلة، أنت بس إللى مكبر المواضيع .مش عارف ولا أجد تفسيرا لتكرار موضوع المولتو أبو خمسة جنيه ،والشاي الذي يعقبه مباشرةً قهوة في كل مكان نذهب إليه ونحن ننهب الأسفلت منذ الصباح..

كنا أثناء السير منذ أن انطلقنا بالموتوسيكل عندما نقترب من لجنة أو كمين مرور: يسلك هذا الشخص أزقة ضيقة و طرقا جانبية، وكأنه يفر من الموت ليتحاشى الكمين، فسألته عن سر ذلك فقال:
– أصل رخصة القيادة منتهية والله ما بتلحق تخلص ما عدش فيه بركة ،حتى اقسم بالله نسيتها في البيت فقلت له ”
– وبالنسبة لرخصة الموتوسيكل نفسه قال .
– لأ دي منتهية من زمان وضاعت مني أصلا.. حتي والله ما أنا عارف الفرامل مالها كده النهاردة والدبرياش الآخر بيفصل بالعافية، فقلت:
– معانا ربنا اعتمد على الله…
الغريب في أمر هذا الشخص أنه متوافق ومنسجم ومتصالح مع نفسه تماماً يتعامل مع الأمور المعقدة وكأنها بسيطة لا يعيرها اهتماما ولا يترك لها فرصة أن تؤثر على نفسه ،فهو يملك ويستحوذ على كم كبير من اللامبالاة والعفوية المفرطة والجميع يعرف عنه ذلك.
ثم أقول في نفسي هل يكون سلوك هذا الشخص في بعض الأوقات . تكون هذه الفوضى الضاربة في نظرته للأشياء والاستخفاف بها هي أم النظام وخاصة في هذه الأيام ..
ليس هذا اليوم استثناء في حياة هذا الشخص بل هو القاعدة

على فكرة أنا اكتشفت أخيرا أن تناول وجبة الغداء بعد صلاة العشاء لا بأس به ،ومش بطال خاصة: السردين على الشبار بتاع سوق سمك القنطرة ..

 

ساحة الإبداعأوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى