أخبار عاجلةساحة الإبداع

محمد إبراهيم نوايا يكتب متوالية “غزاويّة”

نصوص قصيرة جداً

(١)
قذيفة معادية بترت يَدك، تنهضُ محاولاً وقف النزيف دون جدوى، تبحثُ جاهداً عمّا تُغطي به ساعدك، تصادف يداً مستلقية على الرصيف بلا جسد، ترفعها بحذر، تُخرج إبرة وخيط، تبدأ خياطتها بطريقة بدائية، فور انتهائك تَشعر بها كأنّها قطعةً منك، تتمعن قليلاً وتُحرك أصابعك ضاماً قبضة يدك الجديدة، تفكر وتتساءل في نفسك؛ من منكما الذي أنقذ الآخر؟

(٢)
في طريقك حيثُ منزلك، صاروخ ارتجاجي يُدّمر مربعاً سكنياً كاملاً في حيّك، تركض بِهلع لتُنقذ ما يمكنك إنقاذه، لا تجد أياً من الناجين، تتأمل الأشلاء المتناثرة حولك، تترنح من الصدمة، تغضب، تصرخ، تبدأ جمعها بحزن، تُخرج الإبرة والخيط وتخيطهم ببعض، لن تستطيع تمييز كتف صديقك حسام عن جسم صاحب البقال أبو عدنان أو وجه أُمنية الحزين، على الأقل لن تدفنهم وهم أشلاء، وأنت تتأملهم بيأس، تتفاجئ بهم؛ استيقظوا من جديد.

(٣)
بعد عودتهم للحياة بطريقة غير تلك التي كانوا يعيشونها قبل موتهم؛ غارة “إسرائيلية” تستهدفهم مباشرة، تتناثر الأشلاء أمامك مرة أخرى، تقف منكسراً وتبكي، تود أن تُخرج الإبرة والخيط لتحيكهم من جديد، لكنّك تشاهد الأشلاء؛ وقد بدأت تتجمع من تلقاء نفسها.

(٤)
الموقع مراقب ومستهدف؛ تُحدّث نفسك، غارة ثالثة بالطائرات المقاتلة أكثر توحشاً من سابقتيها، الصواريخ ارتطمت بالأرض وأحدثت دماراً هائلاً دون أن تُصيب أيّ من أبناء حيّك، كانت الأجسام تنقسم وتفترق عند اقتراب القذائف، ثم تعيد توحدّها.

(٥)
تشعر بيدك التي خِطتها تريد أن تَنزع نفسها منك، تنظر حولك، تشاهد أبناء مدينتك؛ وقطع أجسامهم وأشلاءهم تتركهم لتتجه نحو جسد ضخم هائل القوة؛ لم ترَ له مثيلاً من قبل، يتشكل كالزوبعة العاصفة، من الجميع.

ساحة الإبداع – أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى