محمد البنا يَكتُب : برنامج فرصة وتمكين المرأة المصرية

خمس قصص نجاح لسيدات مصريات تعكس تعاون وثيق بين الحكومة والبنك الدولي، فقد قامت مصر على مدار العقود الأخيرة بتنفيذ استثمارات كبيرة في تضييق الفجوات بين الجنسين في مجالات الصحة والتعليم، لكن هذا التقدم لم يُترجم إلى زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة. وفي الواقع، لا تتعدَّى مشاركة النساء نسبة 15.4% في القوى العاملة في مصر مقارنة بنسبة 67.1% للرجال. ولا شك أن جائحة كورونا كانت صدمةً لديناميات سوق العمل، خاصةً للنساء، إذ أجبَرت البعضَ على الخروج تماماً من سوق العمل، لاسيما النساء.
ونظراً لالتزام مصر بتمكين نسائها، فقد قامت بإطلاق الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030 عام 2017، والتي تتسق مع إستراتيجية التنمية المستدامة للبلاد، وتستهدف تمكين المرأة المصرية من الارتقاء بقدراتها وإمكاناتها وتحقيق ذاتها. وستسهم هذه الخطوة بدورها في تنمية البلاد وتطورها، حيث تمثل حافزاً على خلق المزيد من فرص العمل المستدامة.
البنك الدولي يدعم برامج شبكات الأمان الاجتماعي في مصر:
يواصل البنك الدولي مساندته للجهود التي تبذلها مصر لمساعدة المرأة على الحصول على فرص العمل وتحقيق الدخل من خلال تنفيذ العديد من المشروعات.
ويُعد برنامج “فرصة” أحد البرامج الناجحة لتحقيق شمول المرأة في الأنشطة الاقتصادية، وهو البرنامج الذي يسانده البنك الدولي ويجري تطبيقه على أساس تجريبي في ثماني محافظات وهي: القليوبية والشرقية والفيوم وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج والأقصر. وهذا البرنامج جزء من مشروع تدعيم شبكات الأمان الاجتماعي في مصر الجاري تنفيذه، والذي يساند برنامج شبكات الأمان الاجتماعي الرئيسي في البلاد (تكافل وكرامة). ويُقدِّم برنامج تكافل وكرامة تحويلات نقدية مشروطة وغير مشروطة للفقراء والمسنين من المواطنين وكذلك للأيتام وذوي الإعاقة. ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من البرنامج حالياً 5 ملايين أسرة، منها 4.1 ملايين أسرة في إطار العملية الجاري تنفيذها، بالإضافة إلى 320 ألف أسرة تحصل على مساعدات نقدية من خلال المعاش الاجتماعي القديم (الضمان الاجتماعي) إلى حين إصدار القانون الموحد للتحويلات النقدية، علاوة على 600 ألف أسرة تغطيها مظلة برامج التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي.
وتتولَّى وزارة التضامن الاجتماعي تنفيذ برنامج “فرصة” الذي يساند تحوُّل المستفيدين من برنامج “تكافل وكرامة” من الاعتماد على التحويلات النقدية إلى تحقيق دخول مستدامة لتعزيز صمودهم الاقتصادي في مواجهة الصدمات واستقلالهم المالي. ويتم ذلك عن طريق استخدام طائفة متنوعة من الإجراءات التدخلية التي تُركِّز على الأنشطة الريفية والنساء، ومنها العمل بأجر وتقديم الأصول الإنتاجية التي تُمكِّن المستفيدين من تحقيق دخول مستدامة. ويُقدِّم برنامج “فرصة” أيضاً الخبرات الفنية والمالية اللازمة لإدارة تلك الأصول إدارةً فعَّالة وتحقيق أرباح من ورائها. وبمساعدة منظمات محلية غير حكومية، استطاع البرنامج حتى الآن التواصل على نحو فعَّال مع أكثر من 60 ألفاً من المستفيدين المحتملين من النساء من خلال تدريبات على التغيير السلوكي تتضمن تعريفاً بالبرنامج، وتعميم المعلومات عن أهدافه، والتشجيع على المشاركة في أنشطة الشمول الاقتصادي. وحصلت نحو 4000 امرأة حتى الآن على أصول إنتاجية تُمكِنهن من الحفاظ على سبل كسب أرزاقهن.

القصة الأولى:
“صابرين عبد الظاهر” وهي أمٌ لثلاثة أطفال وعمرها 39 عاماً وتعيش في محافظة الأقصر بصعيد مصر، وهي إحدى المستفيدات من توفير أصول الإنتاج ونقل ملكيتها انضمت إلى البرنامج واستلمت ثلاثة من الأغنام، منها شاتان وكانت إحداهما حاملاً ولدت في الآونة الأخيرة شاة أخرى.
القصة الثانية:
“إيمان رمضان عبد الرحمن” التي تبلغ من العمر 41 عاماً من محافظة المنيا بصعيد مصر، استطاعت أيضاً إعالة أسرتها من خلال برنامج “فرصة”. “لديَّها سبعة أطفال، وزوجها عاطل في الوقت الحاليومن أجل اعادة اسرتها تقوم بشراء الخضراوات من السوق ليلاً وتبيعها أمام منزلها في اليوم التالي.”
ولكنها عندما سمعت عن برنامج “فرصة”، تقدَّمت بطلب الانضمام إليه وحصلت على تدريب على قطف فاكهة الخوخ، وحصلت على فرصة عمل في هذا المجال. فأصبحت قادرة على شراء المزيد من الخضراوات وبيعها، وتوفير الدواء لابنها، ودفع نفقات تعليم أطفالها.
القصة الثالثة:
في عام 2021، أطلقت مصر مشروع تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل الذي ساند حتى الآن أكثر من 76 ألف مصرية على بدء مشروعاتهن التجارية. ولكن المشروع يساعد بوجه عام طائفةً واسعةً من منشآت الأعمال في أنحاء البلاد من خلال تقديم المساندة المالية وغير المالية التي تُغطِّي المشروعات التقليدية المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وكذلك الشركات الابتكارية ذات معدلات النمو المرتفع من خلال أدوات التمويل بالدين ومساهمات رأس المال. وتتضمن المساندة غير المالية عَقدَ دورات تدريبية وبناء القدرات التي تُمكِّن المستفيدين منها من إدارة مشروعاتهم وتنميتها. ولا يُركِّز المشروع على النساء فقط، ولكنه يركز أيضاً على الوصول إلى المحافظات التي تعاني نقص الخدمات والفئات المُهمَّشة والشباب.
“سميرة نجم” التي تبلغ من العمر 35 عاماً استفادت من هذا المشروع من خلال العمل مع صندوق رأس المال المخاطِر (إندور كابيتل) الذي يعمل تحت مظلة المشروع ويساند الشركات الناشئة عالية النمو. وبالتمويل المُقدَّم من مشروع تحفيز ريادة الأعمال لخلق فرص العمل، أطلقت “سميرة” وشريكها في العمل (الشونة) وهي أول شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية في مصر التي تساند مشروعات صغار المزارعين بتزويدهم بمستلزمات زراعية عالية الجودة مثل الأسمدة، وأحدث الممارسات الزراعية وأفضلها، وربطهم بشكل مباشر بالشركات التي تشتري محاصيلهم دون وسطاء.
القصة الرابعة:
أحد الأهداف الساسية لبرامج تمكين المرأة هو وحصولهن على فرص العمل والدخل، إضافة إلى ملكية الأصول المُنتِجة التي تُعد عقبةً وتحدياً هائلاً يعوق استقرارهن وتحقيق كامل إمكاناتهن. وأحد أكبر الأصول التي يُمكِن امتلاكها والاستفادة منها هو المسكن.
“إيمان ربيع” التي تبلغ من العمر 22 عاماً في محافظة الفيوم، واستفادت من مساندة المشروع للشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر. كان لديها ورشة صغيرة الحجم لصنع منتجات يدوية من القش، وكالنت تعمل فيها بمفردها لعمل منتجات مثل السلال والصواني.
تقدَّمت “إيمان” بطلب الانضمام للبرنامج وحصلت على التمويل الذي مكَّنها من شراء المزيد من المواد وتوسيع ورشتها. ثمَّ قامت بتشغيل ثلاثة من أقاربها للعمل معها. وتحصل “إيمان” الآن على الدخل اللازم لدفع نفقات تعليم بناتها الأربع وشراء ما تحتاج إليه أسرتها.
القصة الخامسة:
نتاج برنامج التمويل العقاري الشامل في مصر، الذي يهدف إلى توفير مسكن لائق ميسور التكلفة لمحدودي الدخل. ويساند هذا البرنامج منذ إطلاقه النساءَ في امتلاك عقارات خاصة بهن، إذ تبلغ نسبة المستفيدات من المشروع 23% من إجمالي عدد المستفيدين الذي يزيد على 480 ألفاً من محدودي الدخل، كما أن 80% من هؤلاء المستفيدات ينتمين إلى أفقر 40% من السكان. ويُسهم المشروع في تضييق الفجوة بين الجنسين في ملكية الأصول. ولا يزال المشروع يحتل أولوية كبيرة في اهتمامات الحكومة ويواصل أداءه الجيد.
“رشا سليمان” من سكان القاهرة وتبلغ من العمر 40 عاماً، تقدَّمت بطلب إلى برنامج الإسكان الاجتماعي سعياً لتحقيق الأمن والاستقرار من أجل زوجها وأطفالها، تشعر الآن بالأمان لكونها مالكة لمنزلها.
أوبرا مصر ، دراسات ومقالات