الناقد القدير عقيل هاشم يكتب كتاب رؤية نقدية في روايات الروائيين العرب
سيميائية الرواية - (التواصل، الدلالة الثقافة)
قراءة في «آليات إنتاج النص الروائي»
للمؤلف الدكتور الاستاذ مصطفى لطيف عارف
استاذ الادب الحديث والدراسات المعاصرة
الكتابة الإبداعية لا تولد من الفراغ وانما من جمرة الدراية وأغناها وأصعبها احترافًا. وهذه الابداعية تتطلب موهبةً ومهارة وكاتبًا موهوبا، وتمارين شاقة على الكتابة تصل حدَّ الضجر. مضافًا إلى الموهبة ثقافةً موسوعية تلتقي فيها مختلفُ أنواع الثقافات والآداب والفنون والمعارف، وشغفًا مبكرًا بالمطالعات المتنوعة. ومن ما يختزنه الكاتبُ من نصوص قرأها في مراحل متوالية من حياته. تتجلى براعةُ الكاتب في استلهام ما يمده به الخزّانُ المترسب من قراءاته في أعماقه.
الكاتبُ المبدع الدكتور الاستاذ مصطفى لطيف لعله اسم حٌفَر على الصخر فقد كان يسعى على الدوام أن يعثر على صوتِه الخاص، ولغتهِ الصافية، وطريقهِ الذي لا يمرّ عبر طريق غيره. هدفُ الكتابة عنده أن يرسم خارطةَ الوصول إلى ما ينشده بأقرب الطرق. شعاره مَن يعجز عن اكتشاف طريقه بنفسه يعجز عن الإبداع.
وكلُّ كتابة تعبّر عن تجربةٍ معيشةٍ للكاتب تكون شائقةً بمقدار ما هي شقيّة، مريرةً بمقدار ما هي عذبة. من يلاحق كتاباته يجدها تراكم من تجارب وخبرات مختلفة عاشها عبر محطات حياته المتعدّدة والمتنوعة. وان الكتابةُ الجادة منه تتطلب ذاتًا صبورة، وعقلًا يقظًا، وإرادة شجاعة، وضميرًا أخلاقيًا حيًّا، وتراكمًا لقراءات نوعية، ومِرَانًا متواصلا..
مقدمة الكتاب: “ان هذه الرؤية النقدية تعمل على كشف مدى امكانية ان تكون الرواية العربية المعاصرة قد افادت من التقنيات الحداثوية التي تعد بؤرة العمل النقدي الجديدة متخذة من روايات كبار الروائيين العرب مجالا للتطبيق والتنظير , سلطنا الاضواء على مجموعة من الروائيين العرب لنعطي صورة مشرقة عن الرواية العربية وتطورها –من مصر نجيب محفوظ –ومحمد عبد الحليم-يوسف ادريس –بهاء طاهر –منال رضوان-متولي محمد متولي –صلاح هلال –بسمة يحيى /من الجزائر –مصطفى بوغازي /من لبنان –جمانة حداد فاطمة منصور /من السعودية –حسن علي البطران …الخ”
الكتاب يتحدث في الجزء الاول عن (الشعرية ) :
-شعرية السرد في المجموعة القصصية –الضفيرة السوداء – محمد عبد الحليم
يستعرض الكاتب مفهوم الشعرية , مصطلحا ودلالة ,
-قراءة تداولية في رواية –الحرام- يوسف ادريس.
-المشاهد السينمائية السردية في رواية –واحة الغروب –للروائي بهاء طاهر .
(المشهد السينمائي )تقنية قطع ولصق اللقطة ,للحصول على التأثير البصري
-مقترب المكان في رواية –بداية ونهاية –للروائي الكبير نجيب محفوظ
.( المكان وعلاقته بالإنسان ) المكان هو الحيز من الفضاء الذي تقدم فيها الوقائع .
-منال رضوان –بين الخيال والواقع في قصتها –من وحي ليلة عاجزة-
النص بوصفة سيرة ذاتية )وعلاقة المركبة بين الذات والواقع.)
العنونة الشخصية في قصة (لقاء عابر)للقاصة منال رضوان
العنوان-يمثل جزءا حيويا من بنية النص اضافة الى كونه مفتاحا تأويليا .
قراءة نصية في قصة (اعترافات للطبيب النفسي )للقاصة بسمة يحيى
قراءة نقدية في رواية (امراة على قيد سراب )مصطفى بو غازي
وهنا نجد هيمنة السيرة الذاتية في بنية النص , رواية السيرة فن ادبي يتكفل فيه الراوي برواية احداث حياته
سيميائية العنونة في مجموعة (واجري خلف خولة )للقاص السعودي حسن علي البطران..
اعترافات امرأة عربية غاضبة في كتاب (هكذا قتلت شهرزاد)للكاتبة جمانة حداد.
ظاهرة الالحاد في رواية (سوبرمان عربي) لجمانة حداد. .دراسة نفسية..
سيميائية عتبة الغلاف للمجموعة القصصية (وجوه خارج الكادر)ل صلاح هلال حنفي-دراسة اللوحة سيميائيا..
(رؤية تأويلية في رواية –شعبان في خبر كان –للروائي متولي بصل ..
علاقة الشعرية بالسيميائية –
–
المنهج المعتمد في تفكيك النصوص السردية تراوح مابين الشعرية و”سيميائيات الخطاب السردي” وهذا النهج ذات” رؤية جديدة” ويعد هذا المنجز استمرارا لنهج الباحث في تبيئة مفاهيم ومناهج سيميائية حديثة في النقد العربي المعاصر. باعتبار المنهج السيميائي منهجا شموليا يأخذ بشرط “التكامل”، لأنه يستجيب لما يطمح إليه المؤلف في منجزه العلمي لتعزيز المقاربة المنهجية للدراسة . والتي تنضوي ضمن اهتمامه في تحليل النصوص السردية من منظار المناهج الحديثة، ويسعى من خلالها الكاتب إلى تجديد قراءة النصوص السردية عن طريق توظيف المنهج السيميائي، الذي يمكننا من استجلاء الفعالية السردية بأدوات إجرائية تسمح لنا باكتشاف عوالم النص ،وطاقاته التواصلية ،وعلاماته، وبالتالي يمكننا الوقوف على جملة من الحقائق التي خلصنا إليها .
الكتاب يقتحم منطقة التفكير في بناء نموذج للخطاب النقدي الروائي.
ولا يخفى أن الوضع السوسيوثقافي لخطاب التنظير في الرواية المعاصرة ، يكسب الكتاب أهميته العلمية والثقافية من مرتكزاته الابستمولوجية التي تؤطر تشييداته النظرية والمنهجية، حيث حرص الكاتب على التمسك بمبادئ المنهج السيميائي وما يتضمنه من شروط النسق والبناء والاستدلال والوظيفة. ذلك أن رهان النموذج السيميائي الموجه لأطروحة الكتاب، والمتمثل في فعل التنظير، باعتباره مشروع تفكير الباحث في بناء إستراتيجية استدلالية تبدأ بالوصف وتنتهي بالتركيب.
وهنا اقول لقد سعت السيمياء الى الولوج في كل الحقول المعرفية التي يحتمل ان تكون مجالا خصبا لتفاعلات الدلالة التي يضطلع بها المتلفظ .ونجحت في مسعاها هذا على الرغم من الملاحظات والاعتراضات التي من الممكن ان تواجه كل مسعى معرفي ناهض . وكان السرد من ضمن مجالاتها التي استعرض فيها الدكتور مصطفى العارف جهوده المتجددة للبحث عن مكنونات الدلالة وتحولاته للفواعل في تمثيل هذه الاقتراحات وافراغها في ساحة المتغير والمتحرك بوساطة الارث السابق لدور الشخصيات وفاعليته المعروفة.
لقد مثل النص الروائي المعاصر مجالا واسعا لتحولات عديدة مرت بها الذات وهي تسعى في كل مرة للاتصال برغبتها المتحولة هي الاخرى مع كل تحد تصادفه من قبل العوائق التي مرت بها , ومع كل عائق تحاول ان تجد لها مساعدا يجدد الامل عندها في تحقق الرغبة في مزيدا من القبول .
وهنا اقول في عتبات الكتاب يحدد المؤلف أطروحة المنهج ورهاناته العلمية التي تتمثل في:
ـ محاولة فتح أفق جديد في مجال تحليل النص الروائي يتيح إمكانيات استكشافية جديدة وفعالة للخطاب النقدي. هذا الأفق الجديد يتيحه ـ بنظره ـ المنظور السيميائي فقد سمح له صياغة خطابه النقدي حول الرواية وأن يصبح أكثر فعالية إذا ما تم صوغ منهاجية نقدية صادرة عن خلفية سيميائية .
الرهان هو اقتراح نموذج سيميائي للتفكير في الرواية، يملك بنظره كل المقومات الابستمولوجية التي بإمكانها ضخ دينامية فعالة في واقع الخطاب النقدي الروائي.ـ
واخيرا اقول الدكتور العارف والذي شغل منصب أستاذ الأدب الحديث ظهرت له مساهمات فكرية في النقد الأدبي ، وفي الدراسات الفكرية ، وكتابه هذا الذي يصنف في خانة الدراسات النقدية الأكاديمية ،إضافة نقدية والعميقة مضمونا تسبر في افاق معرفية من مفاهيم متعددة–الشعرية –السيميائية –السيرة الذاتية –المونتاج السيميائي -الشخصية والعنونة والأدوات الفنية ، كما ترصد جماليات التلقي عند القارئ.
الكتاب بالمجمل يحمل مضمونا فكريا وحمولة ثقافية ومنحى جماليا , حرص الكاتب على ترسيخ الفهم البيداغوجي من دقة العبارة والتوفر على الثقافة النقدية والمقاربة المنهجية والحس الجمالي ما يؤهل طلابه لخوض غمار مثل هذه التجربة النقدية في كتابه هذا.
اقول تتناول الدراسة موضوعًا مهمًا من مباحث الدرس النقدي الأدبي الحديث؛ الذي يهتم بدراسة الرموز والعلامات في النص الروائي، وذلك من خلال البحث عن دلالته اللغوية والفنية، ومدى ارتباطه بالعتبات النصية الأخرى والاتجاهات الفنية، وعلاقته بالعناصر السردية وذلك لمعرفة الطرائق والتقنيات السردية المساهمة في تكوين الخطاب مثِّل العنوان دورًا مهمًا كعتبة نصية في الدراسات السيميائية النقدية الحديثة، ترتبط معانيه الأولى بالرموز والإشارات وعلم العلامات، التي تكشف عن معاني النصوص الأدبية وتوضح غرضها،
ومن العتبات العنوان بجانب ذلك لوحة الغلاف كونها مبحثًا مهمًا من ضمن اهتمامات الشعرية الجديدة. وتهدف هذه الإشارة إلى تناول عدد من الروايات من خلال الوقوف عند هذه العتبة، باعتبارها مفتاحًا للولوج إلى مفاصل السرد، وسبر عوالمه الغامضة والمعقدة، وكشف ملامح الشخصيات، وذلك بدراستها والبحث في دلالاتها اللغوية والفنية، ومدى ارتباطها بالعتبات النصية الأخرى. تناولت الدراسة التشكيل اللغوي لهذه العناوين من حيث تعددها واختلافها بداية من كونها عناوين مفردة وعناوين مركبة، كما عرضت بالدراسة اتجاهات العناوين، ومن ثم علاقة العناوين بالعناصر السردية، ومدى تضافر هذه العناصر في بناء هندسة النص الداخلي مع عتباته الخارجية، وارتباطها بأغلفة الروايات.
وأما المنهج المتبع لهذه الدراسة فهو المنهج السيميائي. وختم الكتاب بخاتمة اشتملت ما توصل إليه الكتاب، ولعل من أبرزها نجاح تلك السرديات في خلق تصورا واضحا في ذهن القارئ لعالم الرواية سيميائيًا والتي يدور حولها الكتاب والحدث السردي، وهو المحرك الرئيس للأحداث في الرواية، والتي يقصد منها مجموعة الموضوعات التي تدور حولها أحداث الرواية، وتهيمن على فكرتها الرئيسة التي تريد الروائية التعبير عنها من خلال الشخصيات وعناصرها السردية.
اقول سعى الكاتب في كتابه تقديم تحليل سيميائي وصفي لشخصيات الرواية إذ تكمن إشكالية الدراسة في أن الرواية قدمت شخصياتها. وبناء على هذا الازدواج بنيت الشخصية الرئيسة، وشكلّت علاقاتها مع الشخصيات الأخرى. من هنا تطرح هذه الإشكالية جملة من التساؤلات التي سيحاول الكتاب الإجابة عنها، ولعل من أبرزها: سؤال عن ماهية الشخصية الروائية؟ وعن بناء العلاقات بين الشخصية الرئيسة والشخصيات الأخرى الفاعلة وملاءمة أسماء الشخصيات لوظائفها، ودور تلك الأسماء في إبراز طبيعة الشخصية الرئيسة ودورها في تنامي الأحداث.
وفي قراءة معمقة للكتاب نجد أن المؤلف تناول الشخصيات وقام بتحليلها من خلال المنهج السيميائي الذي يُعنى بالتحليل المُفصّل في وصف الشخصيات من خلال العتبات النصية، وتعدد الدلالات، والملامح الجسدية والنفسية، وتقصّي علاقات الشخصيات بالحدث، والزمان، والمكان.
وتطرق إلى العتبات ودوال الشخصية ومدلولها، والذي عُني بالعتبات فوقف عند مكونات غلاف الرواية، ودلالاتها السيميائية. التي كشفت ولو بشكل جزئي عن سمة النص، وسمة العنوان، وبالتالي عن سمة الشخصية التي تدور في فلك دلالة قوامها الخفاء والتّستر.وقد توسع الكتاب في توظيف هذه الشخصيات ونسج العلاقات بينها حيث ظهرت مقنعة وغير مقحمة في النص، وغير مقتضبة أو ناقصة..