أخبار عاجلةاقتصاد وبنوك

الحروب التجارية العالمية والاقتصاد المصرى التحديات والفرص

ا.د منال خيري أستاذ مناهج الاقتصاد – جامعة حلوان

إن ما يجري في واشنطن وبكين، لا يتوقف أثره عند ساحة التبادل التجاري بين العملاقين، بل يمتد ليضرب الأسواق الناشئة، وعلى رأسها السوق المصري كما يتضح من النقاط التالية
خروج الأموال الساخنة..
رصدت الحكومة خروجًا ملحوظًا للأموال الساخنة من السوق المصري، خلال يومي الأحد والاثنين، 6 و7 أبريل 2025، في استجابة فورية لتصاعد الحرب التجارية العالمية.
هذه الأموال – التي تنتقل سريعا بين الأسواق بحثا عن الأمان والعوائد المرتفعة – تعتبر أول المؤشرات على تأثر الاقتصاد المحلي بالتقلبات الخارجية.
ارتفاع أسعار الذهب محليا..
مع كل قلق دولي، تتوجه الاستثمارات إلى الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب.
تقول مؤشرات السوق المحلي، إن أسعار الذهب في مصر، شهدت ارتفاعات حادة خلال الأيام التي تلت إعلان التعريفات الأمريكية والصينية، مدفوعة بزيادة أسعار الذهب عالميا، وتراجع قيمة الجنيه في السوق المحلية.
وفقا لمؤشرات السوق، بلغ سعر جرام الذهب من عيار 21 نحو 4465 جنيها، في نهاية تعاملات يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، ارتفاعا من 4420 بنهاية تعاملات 31 مارس 2025.
في مجتمع يعتمد بشكل كبير على الذهب – كوعاء ادخاري تقليدي – يمثل هذا الارتفاع عبئا مباشرا على الأسر المصرية، ويؤثر سلبا على قطاعات واسعة مثل التجار الصغار والمقبلين على الزواج.
وفقا لبيانات مجلس الذهب العالمي، بلغت مشتريات المصريين من الذهب (سبائك وجنيهات) في الربع الأخير فقط من العام الماضي 5.9 طن بنمو سنوي 7%
تراجع الجنيه أمام الدولار
الضغوط المزدوجة الناتجة عن خروج رؤوس الأموال، وارتفاع الطلب على العملات الأجنبية، دفعت الجنيه المصري إلى التراجع تدريجيًا أمام الدولار، بنهاية تعاملات 9 أبريل 2025، عندما سجل متوسط سعر الجنيه أمام الدولار أدنى مستوياته على الإطلاق عند 51.67 جنيه للدولار، قبل أن يرتفع إلى 51.24 جنيها بنهاية تعاملات الخميس 10 أبريل 2025.
تراجع العملة المحلية، ينعكس على تكلفة الاستيراد، ويزيد من أعباء التضخم ومعدلات الاستهلاك المحلى

توتر جيوسياسي
ويشير المحللون إلى أن الأمر لا يقتصر على الجانب الاقتصادي فقط، بل يرتبط كذلك بتوترات جيوسياسية إقليمية قد تتصاعد في أي لحظة.
“حالة القلق في الأسواق العالمية تؤدي إلى إعادة تمركز رؤوس الأموال في أسواق أكثر أمانًا، وهذه التحركات تمارس ضغطا إضافيا على اقتصادات الأسواق الناشئة مثل مصر، التي تعاني بالفعل من فجوة تمويلية وتحديات تتعلق بسعر الصرف”.
التداعيات على البورصة المصرية
يشير المحللون أن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لها أثر مباشر على البورصة المصرية، وآخر غير مباشر.
أن التأثير غير المباشر سيكون فى اتجاه المؤسسات والأفراد الأجانب إلى تسييل بعض استثماراتهم في السوق المصري لتغطية مراكزهم المفتوحة في الأسواق العالمية، نتيجة الاضطرابات الناتجة عن القرارات التصعيدية، أما التأثير المباشر، فقد طال القطاعات التي شملتها التعريفات مثل الحديد والصلب، الألومنيوم، والملابس الجاهزة، وهذه القطاعات تمثل جزءًا لا بأس به من الصادرات المصرية.أن القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد مثل قطاع الملابس الجاهزة والمنسوجات، قطاع الحديد والصلب، وقطاع الألومنيوم، هي الأكثر تضررًا، حيث إن هذه القطاعات تواجه تحديات كبيرة بسبب زيادة التعريفات الجمركية على المواد الخام، مما يرفع التكاليف ويؤثر على هامش الربح.
ومع ذلك، هناك قطاعات قد تستفيد إذا استطاعت مصر استغلال الأزمة لصالحها مثل قطاع التكنولوجيا، البنية التحتية، وقطاع المواد الغذائية، حيث يمكن لهذه القطاعات جذب الاستثمارات في حال تم تحسين البيئة الاستثمارية المحلية.
أن التأثير على السوق المصري سيكون محدودًا، حيث إن التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة لا يتجاوز 8.2 مليار دولار، منها نحو 6 مليارات واردات من أمريكا و2.5 مليار فقط صادرات. ومع ذلك السوق المصري لا يزال قادرًا على التأقلم مع الوضع الراهن، خصوصًا مع تقليل الاعتماد على السوق الأمريكي في بعض القطاعات مثل الحديد والألومنيوم.
أن حالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي تدفع العديد من الصناديق والمؤسسات المالية إلى إعادة هيكلة استثماراتها. مما يؤدي إلى توخي الحذر في ضخ سيولة جديدة داخل الأسواق الناشئة، بما في ذلك السوق المصري.
وفرض ترامب رسوما جمركية بنسبة 10% على الصادرات المصرية إلى الولايات المتحدة، ضمن حزمة تعريفات واسعة طالت عددًا من الدول، مما يثير مخاوف عالمية بشأن الدخول في موجة تباطؤ اقتصادي عالمي، ما دفع المستثمرين إلى إعادة هيكلة محافظهم الاستثمارية، مع تقليص الأوزان النسبية للأسواق الناشئة، التي تُعد أكثر عرضة للتقلبات.
إلا أنه على الرغم من تلك التداعيات الاقتصادية للحروب التجارية إلا أن مصر تمتلك العديد من المزايا والفرص التي تمكنها من مواجهة تلك التحديات وهى
– مصر تتمتع بميزة “أقل تعريفات جمركية ممكنة تصل إلى 10%”، وهو ما يمنح صادراتها إلى أمريكا قدرة تنافسية مقارنة بدول أخرى تواجه زيادات في الرسوم الجمركية.
– مصر تمتلك اتفاقية مع الولايات المتحدة وإسرائيل، تُعرف بـاتفاقية الكويز (QIZ)، والتي تمنح بعض الصناعات المصرية، وعلى رأسها الملابس الجاهزة، ميزة دخول السوق الأمريكي بدون جمارك، “هذه الاتفاقية تضمن استمرار الصادرات المصرية إلى أمريكا دون تأثر كبير بالرسوم الجديدة، مما يحافظ على تنافسية المنتجات المصرية مقارنة بدول أخرى تخضع لرسوم مرتفعة”.
– اتفاقية الكويز تضمنت ايضا استفادة كافة المنتجات المصنعة بالمناطق الصناعية المؤهلة سواء كانت غذائية أو منسوجات أو أثاث أو صناعات معدنية، بالإضافة إلى مصانع القطاعين العام والخاص الصغيرة والكبيرة الموجودة بهذه المناطق، مع ترك الحرية للمصانع في تطبيق هذا النظام من عدمه.
– العلاقات السياسية بين القاهرة وواشنطن تلعب دورًا في دعم الوضع التجاري، وهو ما يجعلها أقل تأثرًا بسياسات الحماية التجارية مقارنة بدول أخرى تواجه تصعيدًا جمركيًا مباشرًا”.
– في ظل الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على الصين، فمن المتوقع أن تلجأ بعض الشركات الأجنبية مثل الصينية إلى زيادة استثماراتها في مصر لاستغلال الاتفاقيات التجارية التي تسمح بالتصدير إلى أمريكا بتكاليف أقل.
– نتيجة الحرب التجارية بين أمريكا والصين، من المتوقع أن تبحث الشركات الصينية عن أسواق بديلة للاستثمار والتصدير، ومصر لديها فرص كبيرة لجذب هذه الاستثمارات بفضل موقعها الاستراتيجي واتفاقياتها التجارية”
– عضوية مصر فى تكتل بريكس
– حوافز الاستثمار العديدة المعمول بها حاليا بمصر لعل أبرزها الرخصة الذهبية
– حوافز الاستثمار بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس
– حوافز الاستثمار بالمشروعات الخضراء خصوصا مشروعات الطاقة
– البنية التحتية المتطورة
المصادر
https://economyplusme.com/140548/
https://www.alborsaanews.com/2025/04/05/1879158
https://www.banker.news/97707

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى