أخبار ثقافيةأخبار عاجلة

الكاتبة سمر الزعبي تشهر روايتها وانشقّ القمر

برعاية معالي الدكتور صلاح جرّار وقعت القاصّة والروائية الأردنية سمر الزعبي روايتها
وانشق القمر في المكتبة الوطنية مساء يوم الخميس الماضي حيث تحدث معالي الدكتور حول الرواية متناولًا عدة جوانب منها، وقدم كلٌّ من الناقدة وداد ابو شنب والدكتور امجد الفاعوري قراءة نقدية، كما أدارت اللقاء الروائية فداء الحديدي.
وقال معالي الوزير ان الرواية كانت تتحلى بكسر للتوقع وهو شكل من اشكال المفارقة في
العمل الروائي والبناء الروائي أيضًا، ويعتقد ان هذا سر من اسرار نجاحها، وانها تتسم بدقة
تصوير الواقع والقدرة على معالجته، فهي تنهل من الواقع لكن بدقة متناهية، تجعل القارئ
شريكا في الحدث.

إن اتقان سمر الزعبي للنص القصصي كان حجرًا اساسًا لانطلاقة الرواية، وأضاف: “حينما
بدأت أقرأ الرواية ظننت أن كل فصل فيها منفصل عن الآخر، وبدت لي أن الاحداث تنتهي
بنهايته في بادئ الامر، لكن سرعان ما اتضح لي انها جميعها نسيج واحد تربطها تفاصيل
مشتركة وعوالم متشابكة”.
وأفادت الناقدة وداد ابو شنب ان رواية وانشق القمر تنتمي لجنس الرواية الحديثة، ورغم
واقعيتها الا انها جنحت للغرائبية في بعض المشاهد مثل ما كان يحدث مع احدى شخصيات
الرواية وهي منار حينما كان يأتي فقيدها الرضيع ويجثو فوقها، يحدثها عن جرش التي
ستتحول لبحيرة كبيرة، وانه تُوِّج حارسًا عليها، ومشاهد كثيرة مثل ذلك.


نزلت الروائية الى متن الرواية فغدت ساردة من الدرجة الاولى متحدية احد ابطال القصة وهي رهف التي صارت بدورها هي وبقية الرواة ساردين من الدرجة الثانية. إذ تناقش سمرُ (الساردةُ من الدرجة الاولى) الساردةَ الاخرى (رهف) التي من الدرجة الثانية في بعض المواقف
والاحداث، وتهددها بحذف مقاطع او إضافة اخرى، وتفرض عليها تفاصيل معينة بينما تبدي
البطلة استياءها منها فقد عايشتها الاف المرات خلال مراحل كتابة الرواية بين شطب وحذف وتعديل، وتجادلها بأنها صاحبة القصة وهي المخولة بالتغيرات التي يجب حدوثها، وتختم
الساردتان الحكاية بمشهد صادم اتحدتا فيه وكانت رهف من تدير الدفة بإحكام معلنة عن
احداث لم تكن تعرفها سمربعد، هكذا تسربت ادارة السرد منها للبطلة (الراوية من الدرجة
الثانية)، واعطت الكميرا لسمر كي تسجل النهاية غير المتوقعة، بينما تنسحب سمر بكامل
ارادتها، مؤكدة انها قد تنهي كل ما اجتهدت به رهف بجرّة قلم.. لكنها اكتفت منها.


تقنيةٌ أخرى تعتبر ظاهرة في الرواية وهي الوصف بأنماطه عن طريق: الحواس، الفعل
او الحدث وذلك بطريقتيّ التوحيد او التجزئة واغراضه ووظائفه التفسيرية والتزيينية وقصديته.
وتحدث الدكتور امجد الفاعوري حول العنوان معتبرًا إياه رمزًا للامل والتفاؤل أو ربما التغير
والتحول وهو يضعنا امام تفسيرات متعددة وربط وثيق بالقران، لكنه يرتبط بموضوعات
الرواية ايما ارتباط، ما يضع القارئ ويقحمه في دائرة التفكير بكيفية وآلية ارتباط العنوان
بقصة الرواية وشخصياتها، وغالبًا ما يشير للتحول والتغيير في حياة الشخصيات وتوجهاتها،
ما يأثر على سرد الاحداث ومصائر الشخصيات. مؤكدا على لنه عمل باذخ الجمال والرقي
بكل المعايير لفرط صدق الكاتبة في تسليط الاضواء على حياة الفرد وعلاقاته مما يشير لقوة
اشتباكها بواقع المجتمع.
رواية وانشق القمر هي رواية إنسانية اجتماعية تحمل رسائل فلسفية، تعكس واقع المجتمع
الاردني والعربي بشكل عام، تثير تساؤلات حول قضايا إنسانية كثيرة، تشد القارئ فلا ينفك
يقرأ حتى ينهيها، تجعله يتفاعل معها مفكرًا متسائلًا باحثا عن الحلول، إضافة لجمال الاسلوب
السردي وجمال اللغة ورشاقتها في التنقل بين الاحداث دون ملل.
ان دراسة العلاقات بين الشخصيات تقود لكشف ديناميكية القصة ما يكشف رؤية الكاتبة
وأهدافها من الرواية التي تحمل رسالة فلسفية حول الحياة والوجود والعلاقات الانسانية التي
تبرز اهمية التعاطف وتفهم الاخر لدفع عجلة الحياة.
اتقنت الروائية لعبة السرد المتعدد والوصف الدقيق الذي يضع القارئ في صورة الحدث وكأنه يشارك به، وتميزت الشخصيات بخوضها رحلة لمعرفة الذات واكتشافها بكثير من التشويق،
اتسمت بالسعي نحو فهم الذات ومواجهة التحديات باحثة عن الحب والعلاقات الصحية
وتغييرها نحو الافضل، وهنا تتضح رسالتها لجيل الشباب وما تريد منهم ان يتنبهوا اليه كي لا يرتكبوا الاخطاء. ذلك كله من خلال اسلوب سردي مبتكر يقوم على الحوار بشكل مغاير
ومختلف بينها وبين شخصية معينة من الرواية دفعًا للتقليد بالسرد المعتاد، بينما تتناوب الكاتبة
والشخصيات على سرد الاحداث جنبا الى جنب.
خُتمت الامسية بتقديم الروائية سمر الزعبي لشهادتها الابداعية، التي بدأتها
بـ (منذ عصر النبضة الاولى لم يبرأ الحرف)، وقد استعرضت بها أجواء منتجها الأدبي وبضع تفاصيل منه، وحالات الكتابة التي مرت بها، وتعلقها بالرواية الذي حدا بها ليكون سببًا من
اسباب الخوف من النشر، اضافة لاسباب اخرى، وقالت انه بعد رحلة كتابة طويلة لهذه الرواية(انها علمتني: إن أجمل حبٍّ هو ذاك الذي كلما تذكره المرء ابتسم).
ويذكر ان الروائية سمر الزعبي حاصلة على شهادة بكالوريوس صحافة وإعلام من جامعة
اليرموك، وقد اصدرت ثلاث مجموعات قصصية هي على التوالي: (تنازلات)، (شيء عابر)، (ب ت ر). ورواية (عودة رصاصي) للفتيان، و(كريستال) شعر هايكو، واخيرا اصدرت
روايتها (وانشق القمر).


وقد حصلت سابقًا على جائزة رابطة الكتاب لغير الأعضاء في حقل الرواية- المركز الثالث،
وجائزة سواليف للقصة القصيرة- المركز الاول، وترشحت مجموعتها القصصية (لا تغرق)
لمسابقة راشد بن حمد، واخيرًا حصدت روايتها (عودة رصاصي) المركز الاول في جائزة
صندوق الحسين للإبداع، وقد ترجم عدد من نصوصها للاسبانية والانجليزية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى