الجميلي أحمد يكتب: علاقة وزير الثقافة بالمثقفين: من الجدل إلى التفعيل الثقافي”

“علاقة وزير الثقافة بالمثقفين: من الجدل إلى التفعيل الثقافي”
في ظل التحديات المتسارعة التي تواجهها المجتمعات الحديثة، تبرز الثقافة كأحد أهم أدوات القوة الناعمة، والتي تستطيع الدول من خلالها تعزيز صورتها الدولية، وترسيخ هويتها الوطنية، وبناء جسور الحوار مع الآخر. وفي هذا السياق، تُعد العلاقة بين وزير الثقافة والمثقفين أحد أبرز المحددات لنجاح السياسات الثقافية وتحقيق أثر حقيقي وفاعل على الأرض.
أولًا: وزير الثقافة والمثقفون.. علاقة تكامل لا صدام
غالبًا ما تتسم العلاقة بين وزير الثقافة والمثقفين في مصر بحالة من الشد والجذب، حيث يرى بعض المثقفين في قرارات الوزير مساسًا برؤيتهم أو تهديدًا لحرية التعبير. وفي المقابل، قد يشعر الوزير أحيانًا بغياب الدعم أو بعدم واقعية بعض الانتقادات. لكن الحقيقة أن هذه العلاقة لا ينبغي أن تقوم على التنافس، بل على التكامل.
الوزير هو المسؤول التنفيذي عن السياسات الثقافية، بينما المثقفون هم العمود الفقري لأي نهضة فكرية أو إبداعية. ومن هنا، فإن تفعيل قنوات الحوار المنتظم بين الطرفين لا يمثل رفاهية، بل ضرورة استراتيجية لضمان تماسك المشهد الثقافي.
ثانيًا: كيف يمكن تنشيط العلاقة واستثمارها لصالح صورة مصر الثقافية؟
التعاون مع عدد كبير من نخبة المثقفين وتكون نخبة متنوعة
وقوف المثقفين بجانب القرارات الجوهرية لوزير الثقافة حيث أنه يمثل سياسات الدولة المصرية، مما يمنح المثقفين مساحة للمشاركة لا المعارضة فقط.
ورش عمل ومؤتمرات حوارية: تنظمها الوزارة بشكل دوري للاستماع إلى أفكار المبدعين من مختلف المجالات، وتحويل هذه الأفكار إلى سياسات قابلة للتنفيذ.
دعم اللامركزية الثقافية: من خلال مشاركة المثقفين في المحافظات في رسم المشهد الثقافي المحلي، وتوسيع دوائر التأثير خارج العاصمة.
رؤية إعلامية موحدة: تبرز الإنجازات الثقافية وتدافع عن التنوع والاختلاف كقيمة، مما يسهم في تحسين صورة مصر ثقافيًا على المستويين العربي والدولي.
ثالثًا: الثقافة كصناعة لا كترف
لكي تصبح الثقافة قوة صناعية مؤثرة، يجب:
تحويل الفنون إلى منتج اقتصادي: دعم الصناعات الثقافية مثل السينما، المسرح، الحرف التراثية، والنشر لتصبح مصدر دخل وفرص عمل.
تشجيع الاستثمار في الثقافة: من خلال حوافز للقطاع الخاص لرعاية الأنشطة والمبادرات الثقافية.
ربط الثقافة بالتعليم: لتعزيز الوعي الثقافي منذ المراحل الأولى، ما يخلق أجيالًا تتذوق الإبداع وتدافع عنه.
العلاقة بين وزير الثقافة والمثقفين يجب أن تُبنى على الحوار والثقة المتبادلة، بعيدًا عن الصراعات الشكلية. فالثقافة ليست معركة سلطات، بل شراكة من أجل وطن أكثر وعيًا، وأقوى تأثيرًا. وحين تتحول هذه العلاقة إلى تحالف واعٍ، تصبح الثقافة أداة إنتاج لا مجرد حالة وجدانية، وتصبح مصر كما تستحق: منارة حضارية لا تغيب عنها شمس الإبداع.
والحق أن وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو اثبت أنه يسعي لخدمة الثقافة وتجديد الماء الراكد في الوزارة