منال رضوان تكتب كيف تغير مسار علم الإحصاء بفنجان من الشاي

ترى.. هل يمكن أن يغير (فنجان شاي) مصير العلم؟
يبدو السؤال غريبًا، لكن الحقيقة أن لحظة عابرة في حفل شاي بريطاني، كانت كافية؛ لتفتح بابًا واسعًا نحو تطوير علم الاحتمالات كما نعرفه اليوم.
بداية الحكاية
في مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، خلال حفل بسيط في حديقة جامعة كامبريدج، دعيت إليه الدكتورة “مورييل بريستول”، التي لاحظت أن كوب الشاي الذي قُدّم إليها قد صُب فيه الشاي أولًا ثم الحليب، بينما كانت تفضل العكس!!
قالتها بثقة: “أنا أستطيع التمييز، وأفضّل أن يُصب الحليب أولًا، ” بالطبع ظنّها الجميع تمزح، لكن عالِم الإحصاء الشاب وقتها- “رونالد فيشر” قرر أن يحوّل الموقف إلى تجربة علمية-.
جهّز لها ثمانية أكواب: أربعة صُب فيها الشاي أولًا، وأربعة الحليب، وطلب منها أن تميّز بينها بحاسة التذوق فقط، وقد فعلت بنجاح تام.
هذه التجربة البسيطة ألهمت فيشر؛ ليؤسس ما يُعرف اليوم بـ”الاختبار الفرضي” و”نظرية الاحتمالات التجريبية”؛ ومن ثم فقد أدخل المفاهيم التي أصبحت حجر الأساس في
علوم الإحصاء، مثل القيمة الاحتمالية والتجارب العشوائية، وسياسات التباديل والتوافيق، وذلك كله بدأ بسبب فنجان الشاي !
وقد تناول ”ديفيد سالزبورج” هذه القصة في كتابه الجميل والذكي والمتوفر أيضًا بنسخة للتحميل عبر محركات البحث، “ذوّاقة الشاي”، ليتضح كيف غيرت حفلة شاي واحدة، قوانين الاحتمال”، مسلطًا الضوء حول: كيف يتقاطع اليومي والعابر مع البحثي والعلمي، وكيف تولد الأسئلة الكبرى من لحظات تبدو عادية لكنها عند البعض.. ليست كذلك.
في اليوم العالمي للشاي، لا نحتفل بمذاقه فقط، بل بما يثيره فينا من فضول، وبما يحمله من احتمالات، فربما، بين رشفة وأخرى، يولد سؤال جديد… أو تتغير نظرتنا إلى العالم لنكتب حكاية جديدة في مسار الإنسانية.