أخبار عاجلةالرئيسيةدراسات ومقالات

أ. د. رائدة علي أحمد تكتب من قال أننا لا نطير إلا بأجنحتنا قراءة في أدور كالدرويش

للشاعر القدير محمد زينو شومان ـ لبنان ـ

ها هو الشاعر المبدع محمد زينو شومان لا يحلق في فضاء الخيال الرحب فحسب بل اخذنا معه بين اجنحته وطار الى ذلك الفضاء، هوى من الطبقة السابعة ليحملنا بين جناحيه ونعلو معه. لم يهو الحضيض النسيان والعدم، إنما كان نسرا يهوى الأعالي، فإن كان جسده ثقيلا لا يتقن الطيران او التحليق يدور كالدراوبش ليحرر الروح كونها خفيفة تدور في فلك الارتفاعات لتعود الى ربها راضية مرضية، تاركا الجسد مثقلا بالمباهج الدنيوية. استطاع عبر الرمز والاسطورة ان يعري اللغة من معانيها المألوفة ويلبسها اللامالوف بخيال ماتع لم يسبقه إليه أحد منها: استحضار الدراويش،الطبقة السابعة. الطبقة السفلى. عابر سبيل. ساعي بريد. مناجم جمجمتي. فخ المغصية. ضلوع امي. الامتحان الالهي. جرة هواجسي خاتم طمانينتي. ديكارت. الشيطان..
يا صديقي تدور كالدارويش بحثا عن الذات وتوقا الى الخلاص. الخلاص من هذه الطبقة السفلية التي يدور في فلكها عالم المادة وما يمثله من جهل والسعي الي الملذات ومتع الدنيا ومباهجها حيث استفحل الظلم والاستبداد وطغى الباطل وتعطلت لغة الدين وقيمه وبات موضع شك كما كل الامور الحياتية. فبحثك عن الذات يا صديقي بحثك عن الحقيقة التي مزّقها الشك ليعيد رتقها بخيطان اليقين،فالذات التي تسعى عبر اللغة لتجدها هي ليست ذات فرية تتقوقع في دائرة الشخصي، انما ذات جماعية تنفتح على الأنا الانسانية باحثا عنها في خفايا تجربتك الفريدة التي خبرت بها الوجود من جهاته السبع،فطويت كتب الفكر من فلسفة ودين واجتماع وسياسة وأدب تحت جناحيك وطرت بها تجوب رحاب الكون منقبا باحثا حتي اغتنت،وبتّ على دراية بهذه الابعاد الارضية والعلوية من تفكير سديد وعقل منفتح وثقافة مترامية.
فهل هناك ابلغ من الرموز الدالة عبرت بها الكون تكاشف الوجود وابعاده،بدءا بالعنوان عتبة النص ثم ولوجك الى متن النص لتعبر الافق بمنطاد الخيال فتصل الي الماورائيات. تفكك اللغة المالوفة وتعيد نسجها بلغة جديدة حديثة لا بلغة ما بعد الحداثة. وتزرع متن النص بعلامات استفهام تنثرها هنا وهناك لتعيد صورة الأم على هيئة الاله لعلك تعيد الخلق من جديد، وقد زالت عنه الصفات البشرية التي حولت الارض إلى مسرح للتقاتل والتنافس والتباعد.
لقد حملت من هموم الناس ومعاناتهم كانك بعثت لهم لتعيد الحق والعدالة والخير لتكون رسوله على الارض غير انك سقطت في فخ المتاهات والحيرة كأنك تغمز الى ابتعاد الدين من القيم التي جاء ليحققها على الارض،او فشله في تحقيق الرسالة وتحريفها.
تساولات كثيرة حملتها على جناح الشك حول قضايا الوجود واسرار الحياة والموت واسرار الملائكة ودور الشيطان. وتدور في دائرة مغلقة في لتمتهي حيث انتهى إيليا ابو ماض بالعجز المطبق في فهم الوجود غير انه انهي قصيدته بلست ادري ها انت تنهي قصيدتك بسؤال وجودي حول ال هنا وال هناك كانك على قلق لا مفر منه، وتدخل في سراديب العتمة كانك تقول”لست ادري” ويظل القدر يلاحقك كطائر في عنقك لا يمكن الخلاص منه بالدين او بالفكر فتهرب من ذاتك الى ذاتك عبر اللغة لعلك تشفي جراح الانسانية بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى