ثم عادت قصة قصيرة تأليف د.سميرة شرف تحليل صبري زمزم

استقيظت كعادتي أنتظر أن تأتي صاحبتي .. كنت معتادًا النوم على طاولة الكتابة بجوار الأوراق، وربما بين طيات إحدى الكراسات .. لكني اليوم استيقظت لأجدني نائما واقعا بين أقراني الذين لا يستعملون إلا قليلا .. تعجبت فقد نمت بالأمس وربما كان أمس سابقا بجوار صديقتي الجديدة .

أنا أعرف أن صاحبتي تحبني بل تقدسني فقد صحبتها عمرا طويلا منذ بداية حياتي حتى الآن .. تلفت حولي أبحث عنها .. أين هي اعتادت أن تأتي لترانا وتلقي تحية الصباح علينا .. بعض الأنوار مضاءة كالعادة لكن لا صوت لها أو لأي أحد .. استجمعت شجاعتي وقفزت الأرضية الحجرة ورحت اتدحرج في البيت بحثا عنها فلم أجدها .. تعودت أن أراها كل صباح وأن تصحبني معها في الخروج .. توجست خيفة : أين هي ؟ لا أعرف.. اقتربت من كل الأشياء وسألتها : كان بعضهم يقول : أنه شاهدها مغادرة، لكن لا أحد يعرف إلى أين؟ قالوا : كانت تحمل حقيبة صغيرة بها بعض الملابس … تعجبت كيف تغادر دون أن تصحبني وصديقتي معها .. انتابني القلق .. رحت أحاول الخروج .. لكن لا سبيل للعبور أسفل باب الشقة، وليس لدي الكفاءة للصعود للنافذة المغلقة، لعلي أنفذ من بين فراغات الشيش .. وإلى أين أذهب ؟ وأين أبحث عنها ؟
استطعت القفز للأرض، لكني لا أستطيع العكس لأعود لمكاني .. لم أجد بدا من العودة لجوار باب الشقة .. انزويت بجوار أحد المقاعد لعلي أعرف شيئا .. غلبني خوفي بكيت .. كدت أفقد حياتي .. نهايتي تقترب ولم أعرف شيئا .. مضى الوقت، ساعة الحائط تشير للعاشرة مساءً ولا جديد .. مضى نصف الساعة، فتح الباب دخلت منهكة القوى يسندها آخرون وعلي أقرب مقعد جلست في معاناة .. راحت تجول ببصرها في المكان .. شعرت بشوقها لكل شيء في البيت .. وقع بصرها علي .. صرخت : ما الذي جاء به هنا ؟! .. هاتوه … أحسست بخوف يتملكني .. لكن سرعان ما تناولتني وقربتني لفيها وقبلتني وقالت : أوحشتني يا قلمي كنت خائفة ألا أرجع لك ثانية …..
تحليل د. صبري زمزم
هذه قصة قصيرة للدكتورة سميرة شرف يتميز العنوان ثم عادت بالتشويق القارئ إلى معرفة من هي التي عادت وسبق الفعل بحرف العطف ثم يجعل القارئ يذوب شوقا ليعرف ماذا حدث قبل أن تعود؟
تتميز القصة بالقصر والتكثيف والاختزال، وجاء السرد باللغة العربية الفصحى على لسان بطل القصة الذي يعاني الوحدة في غياب صديقته، فيبحث عنها ويسأل عنها ويعرف أنها غادرت البيت ولم تعد، وتعجب من تركها له دون مصاحبته، ويقفز إلى الباب المغلق فيضطر إلى الانتظار طويلا إلى أن حضرت متعبة وعندما رأته تعجبت من وجوده في هذا المكان، وهنا نكتشف المفاجأة وهي أن الراوي بطل القصة ما هو إلا قلم تركته صاحبته رغم تعوده مصاحبتها في كل مكان، وفي القصة أنسنة للقلم فهو يتكلم، وله مشاعر من الشوق والقلق ومعاناة الانتظار، ووجد من الصديقة مشاعر جميلة حيث التقطته وقبلته في شوق، وبثته مخاوفها من ألا تعود إليه. ..ولكنها عادت.
وقد تميز أسلوب الأديبة سميرة شرف بالبساطة والسهولة والجمل القصيرة، وقد نجحت في تشخيص القلم بتقديمه بصبغة إنسانية، وكانت المفاجأة في نهاية القصة لها أثر عند القارئ لأنها أدهشته، وكان الكشف عن طريق صاحبته.
وللدكتورة سميرة شرف مجموعتان قصصيتان، هما هذا الوجه، وفي الزحام