ماجد كامل يكتب ذكرى ميلاد وهيب عطا الله جرجس ( المتنيح الأنبا غريغوريوس )
سنوات التكوين حتى نهاية المرحلة الثانوية

إعداد / ماجد كامل
في مثل هذا اليوم من عام 1919 ،ولد “وهيب عطا الله جرجس ” من أسرة مسيحية تقية ،فوالده هو “عطا الله جرجس بقطر ” وكان يعمل صرافا بمدينة أدفو . أما الوالدة فهي ” تفيدة عبد المسيح ” من مدينة “نقادة ” ويروي نيافته في المذكرات أن ولادته كانت صعبة وعسيرة .. حتى أنه نزل وجسده كله مضروب بزرقة شديدة ، وعيناه جاحظتان ، وكان يوجد حول نيني العين ما هو أشبه بدائرة حمراء . حتى أن الأم حزنت جدا وتصورت أنها ولدت طفلا كفيفا ، حتى أنها تساءلت ” هل وهبني الله بعد كل هذا العذاب ولدا أعمى ؟ ” . ولكن مع مرور الأيام بدأت حالة الجنين تتحسن رويدا رويدا . أما عن تفاصيل طفولته تقول الأم ” تعلمت أن تصلي وأن ترتل . وكنا نصحبك معنا إلى الكنيسة . وأحببت الكنيسة كثيرا . وكان أعظم عقاب لك حرمانك من الذهاب إلى الكنيسة . ومن سعادتك بالكنيسة وطقوسها كنا نراك بعد عودتك من البيت تباشر عمل الكاهن معنا . فكنت تضع يدك على رأس والدك ورأس والدتك ورؤوس أشقائك . وعل كل من يتفق وجودهم في البيت من الأقارب والأصدقاء . وكنت تردد بأنغام الأطفال ” كيراليسون ” وبعض الهزات والأنغام اقتباسا من الألحان التي كنت تسمعها في الكنيسة وتلتقط منها بعض أنغامها .
كما يروي نيافته عن طفولته ومدى تأثير طقوس الكنيسة على حياته فيقول ” منذ كنت صغيرا ، كانت أمي تحملني إلى الكنيسة . وفيها نلت المعمودية ومسحة الميرون في أعضائي ومفاصلي . وتناولت من الأسرار المقدسة .ولقد لفت نظري وأنطبع في مخيلتي ما لم أفهمه إلا فيما بعد . الكنيسة من الداخل والخارج ، وتميزها عن المنزل وعن كل مبنى آخر ، الصليب وصور السيد المسيح والعذراء والملائكة والقديسين في كل موضع فيها في الأمام وعلى الجدران . والهيكل وبه المذبح وعليه أنيته . وهو مزين بالستائر منقوش عليها صلبيان ذهبية . والكاهن وهويقف بملابسه البيضاء وعلى رأسه غطاء متميز بالصلبان . ولحيته الطويلة وبيده الصليب ، يرسم به على صدره حينا ويضع على رؤوس الداخلين عندما يقتربون منه . ويكمل نيافته ذكرياته في المذكرات فيقول ” ومن هنا أدركت أهمية دخول الطفل الكنيسة منذ بدء حياته .ومنذ أن يكون رضيعا على كتف أمه …… بجانب انه يسمع في الكنيسة أنغاما وألحانا مثيرة . تطبع في وجدانه آثارا روحية تبقى في ذاكرته ولا تمحى ، فضلا عن أنه يتقبلها بسهولة ويسر. فيعيها وتنقش في عقله وقلبه ” . ويذكر نيافته أنه من شدة عشقه للكنيسة ، ومن فرط تأثره بحركات الأب الكاهن ، وعندما كبر نوعا ما ، أتي بعلب ورنيش الأحذية بعد تنظيفها . ونقبها في ثلاثة مواضع بالمسمار ، ثم مرر في هذه الثقوب فتائل من الحبال فتكون بمثابة شورية أو مجمرة . ثم يحركها على نحو ما كان يفعل الأب الكاهن عندما يبخر . ثم يضع يده على رؤوس أمه وأخوته . وبعض من تواجد في البيت من الأقرباء والأصدقاء .
وفي المرحلة الإبتدائية ، التحق وهيب بمدرسة في ادفو خلال العام الدراسي ( 1927- 1928 ) . وكان حريصا منذ طفولته أن يذاكر دروسه كل يوم . ولا يبقي درسا إلى الغد . فبعد ان يعود من المدرسة يشرع فورا في القيام بما عليه من واجبات . وكان يعطي لجميع مواد الدراسة اهتماما متساويا .ومما يذكر أنه تمكن من مطالعة الكتاب المقدس بالكامل ، قبل أن يحصل على الشهادة الإبتدائية . ولقد قضى “وهيب ” أربعة سنوات في سنوات الدراسة الإبتدائية . ثم امتحن الشهادة الإبتدائية خلال عام 1931 ، في أحدى لجان الإمتحان بأسوان خلال عام 1931 .
أما عن المرحلة الثانوية ، فلقد انتقل إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة حلوان الثانية خلال العام الدراسي (1931- 1932 ) وأقام بالقسم الداخلي في هذه المدرسة . وكان يزامله في المدرسة وفي القسم الداخلي الرئيس الراحل جمال عبد الناصر .وفي السنة الثانية من المرحلة الثانوية ، انتقل إلى مدرسة الملك فؤاد الأول بسوهاج ، وحصل منها على شهادة اتمام الدراسة الثانية قسم الكفاءة ، وفي مرحلة الاختيار بين العلمي والأدبي ، أختار نيافته القسم العلمي رغم بالرغم من ميوله الأدبية . ولكنه كان يحب جميع المواد . حتى أدى شهادة الدراسة الثانوية قسم علمي في يونية 1936 ، وكان التفوق حليفه في كل دراساته .
أما عن التحاقه بالكلية الإكليركية ، ولماذا أصر عليها بالرغم من إلحاح والدته أن يلتحق بكلية الطب ؟ .ولكنها أحترمت رغبته الخاصة في الالتحاق بالكلية الإكليركية ، وسنوات الدراسة بالإكليركية ، والمواد الدراسية التي كان يتلقاها ، ومن أهم أساتذة الكلية الإكليركية الذين درسوه . فهذا يستحق أن يفرد له مقال آخر مستقل .
