أخبار عاجلةالرئيسيةدراسات ومقالات

علاء العلاف تظلّ اللّغة واحدة من أهم عناصر الكتابة المسرحيّة

تظلّ اللّغة واحدة من أهمّ عناصر الكتابة المسرحيّة، فهي ليست مجرّد وسيلة للتّعبير، بل جزء من البنية التي يقوم عليها العمل الفني، ولهذا أصبحت مسألة اختيار اللغة المناسبة من أكثر القضايا التي أثارت نقاشًا بين كتّاب المسرح ونقّاده، ويبدو أن السؤال الذي يتكرر دائمًا هو: ما اللغة التي ينبغي أن يعتمدها الكاتب حين يكتب للمسرح؟ ومن خلال ما عرفته وقرأته، يمكن تلخيص الإجابات في ثلاثة اتجاهات أساسية، الاتجاه الأول يرى أن اللغة الفصحى هي اللغة الأقرب إلى المسرح، لأنها مفهومة وتملك قدرة على الإيحاء ويمكن للجمهور في أي بلد عربي أن يتفاعل معها، ومع ذلك، لم تسلم الفصحى من النقد، خاصة حين تُستخدم في الدراما الجادة؛ فقد رأى بعضهم، ومنهم لويس عوض، أن الفصحى قد تُضعف التعبير عن المشاعر الفردية، وأنها لا تساعد دائمًا في رسم الشخصيات ضمن إطار واقعي، وأصحاب هذا الرأي يؤكدون أن الصدق الفني أهم من الالتزام بشكل لغوي محدّد، أما بالنسبة إليّ فأعتقد أن اللغة – أيًا كانت – قادرة على توليد تعبيرات مختلفة وأن مهارة الكاتب هي التي تمنحها التركيز والوضوح والقدرة على الوصول، أما الاتجاه الثاني فيذهب إلى اعتماد اللغة العامية، التي كان يرفضها كثير من الكلاسيكيين، ومنهم طه حسين، لكن مع نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات، بدأت العامية تنال موقعًا مهمًّا، خصوصًا مع انتشار الواقعية الاشتراكية في القصة والدراما ثم يأتي الاتجاه الثالث، وهو محاولة الجمع بين الفصحى والعامية ويعدّ توفيق الحكيم من أبرز من تبنوا هذا الاتجاه في مسرحيته الصفقة (1954)شحى أو يُنظر إليها لغةً قريبة من العامّية في الوقت نفسه، كما أن الفريد فرج لم يكن متعصّبًا لغويًّا، فقد كتب بالعامّية في بعض أعماله، لكنه ظلّ يحبّ الفصحى ويؤمن أنها تمنح المسرح عمقًا، خاصة في التراجيديا والمسرح الفلسفي، كان يحرص على صحّة التراكيب وعلى نقاء القاموس اللغوي، ولهذا رأى النقّاد أنه نجح في صياغة لغة درامية خاصة به، ومعظم مسرحياته تحمل هذا التميّز اللغوي الذي منح أعماله طابعًا متفردًا، وهو أمر لا يأتي إلا مع الخبرة الطويلة ومعرفة التقاليد المسرحية العالمية، ومن يعرف أعماله يدرك أنه يملك قدرة مميزة على كتابة الحوار، وبالنسبة إلى المسرح عمومًا فاللغة ليست فصحى أو عامية فقط؛ هناك ما يمكن أن يُسمّى لغة ثالثة، مزيج أو صياغة خاصة تتناسب مع طبيعة العمل، المهمّ أن يطوّع الكاتب لغته بما يخدم المسرحية، فالتراجيديا تحتاج إلى نبرة قوية وجادة، بينما تتطلب الكوميديا لغة خفيفة ومبهجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى