أخبار عاجلةأراء حرةالرئيسية

القصة الكاملة لرجوع رفات القديس أثناسيوس الرسولي إلى أرض مصر

إعداد/ ماجد كامل

 

لعل الجذور الأولى لقصة عودة رفات القديس أثناسيوس الرسولي ، ترجع إلى الدعوة التي وجهت إلى المتنيح قداسة البابا كيرلس ( 1902- 1971 ) من بطريرك فينسيا لحضور احتفالات فينيسيا بمناسبة مرور ستة عشر قرنا على استشهاد القديس مارمرقس . وذلك في 25 أبريل 1969 ، حيث أنتدب قداسته وفدا من المطارنة والأساقفة والأراخنة لحضور احتفالات فينيسا تلبية لدعوتهم . أما عن أعضاء الوفد فهم :
1- نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط وتوابعها .
2- نيافة الأنبا أنطونيوس مطران سوهاج والمنشاة وتوابعها وسكرتير المجمع المقدس .
3- نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف عام الدرسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمي .
4- جناب القمص مرقس غالي وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالقاهرة .
5- جناب القمص تيموثاوس المحرقي وكيل عام بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالاسكندرية .
6- جناب القمص جرجس متى مدير عام الديوان البابوي بالقاهرة .
7- الاستاذ ألبرت برسوم سلامة المحامي بالنقض ، ووكيل ا لمجلس المللي بالاسكندرية
8- المهندس فوزي منصور رئيس الهيئة التنفيذية لبناء الكاتدرائية المرقسية الجديدة بدير الأنبا رويس
9- السيد المقاول المهندس الشماس شاروبيم إقلاديوس بالاسكندرية .
وكان من بين الأماكن التي زاروها كنيسة القديس زكريا والد يوحنا المعمدان في البندقية ، وفي هذه الكنيسة وجدوا مقبرة للقديس أثناسيوس الرسولي وعلى مقبرته من فوق تمثال له بشكل جسمه راقدا مرتديا ملابسه الكهنوتية ، وبيمناه الصليب ،وبيسراه عصا الرعاية ،وعلى المقبرة مكتوب باللغة اللاتينية ” القديس أثناسيوس بطريرك الاسكندرية ومعلم المسكونة ” Corpus S . ATHNASIUS parti .Alex .Conf .ECCL DOCTORIS
ويرجع نيافة الأنبا غريغوريوس ( 1919- 2001 ) الفضل في معرفة مكان رفات القديس أ ثناسيوس الرسولي في كنيسة القديس زكريا إلى نيافة الحبر الجليل الأنبا انطونيوس مطران سوهاج والمنشاة ( 1912 – 1982 ) ، الذي كان قد سبق وزار تلك الكنيسة عندما حضر كمراقب أحدى دورات مجمع الفاتيكان الثاني في روما ممثلا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية . وعند رجوع أعضاء الوفد إلى القاهرة ، تحدث نيافة الأنبا غريغوريوس مع قداسة البابا كيرلس السادس ،وعرفه بوجود رفات القديس أثناسيوس الرسولي في كنيسة القديس زكريا ، فطلب منه إعداد بحث حول هذا الموضوع . ومنذ ذلك الوقت بدأ قداسة البابا كيرلس المفاوضات عن طريق سفير الفاتيكان بالقاهرة ، وكان تاريخ بداية تلك المفاوضات في النصف الثاني من عام 1969 . ولقد أعترضت فينيسيا في بداية الأمر ،كما سبق أن أعترضت على عودة رفات القديس مارمرقس الرسول ، ولكن الحاح كنيستنا في الحالتين ، استجاب البابا بولس السادس ،وذلك توثيقا لرباط المحبة ودعما لروح التقارب بين الكنيستين .
أسباب خروج رفات القديس أثناسيوس الرسولي من الاسكندرية إلى فينيسا :
يذكر نيافة الأنبا غريغويوس في بحثه أن البابا أثناسيوس الرسولي تنيح في الاسكندرية عام 373م ، وكانت الإسكندرية وقتها خاضعة للدولة البيزنطية التي كانت تحكم مصر ، فاستغلت كنيسة القسطنينية نفوذها وأمرت بنقل الجسد إلى القسطنينينة ، وكان ذلك في القرن الثامن ، ثم نقل بعد ذلك إلى فينيسيا في القرن الخامس عشر .وهذا هو ما تم بالنسبة لجسد القديس مرقس الرسول أيضا ، أما عن أسباب نقل الرفات من القسطنينية إلى روما ، فلقد تعرضت مدينة القسطنينية للغزو العثماني بقيادة محمد الثاني أو الفاتح ( 1432- 1481 ) .وتم حصار مدينة القسطنينية لمدة سبعة أسابيع ، بداية من 6 ابريل 1453 ، حتى سقطت وأستسلمت في 29 مايو 1453 . وخوفا من كنيسة القسطنطينية على الرفات المقدسة من حدوث أي إعتداء عليها ، تم تهريبها من القسطنيطينية إلى روما ، وكان ذلك بالنسبة للقديس مارمرقس الرسول والقديس أثناسيوس الرسولي ، وأيضا بعض القديسين الآخرين ( ولعل هذا ما يثبت قدم وأصالة عقيدة تكريم رفات القديسين الموجودة في جميع الكنائس الرسولية التقليدية ، حتى خافوا على الرفات المقدسة للقديسين أكثر من خوفهم على الذهب المرصع به الكنائس ) .
المفاوضات في عهد قداسة اليابا شنودة الثالث :
وبعد نياحة البابا كيرلس في 9 مارس 1971 ، وتولي قداسة البابا شنودة الثالث المسئولية في 14 نوفمبر 1971 ، تجددت المفاوضات مرة أخرى بين الكنيستين ، ولقد أنتهز قداسة البابا شنودة فرصة مرور ستة عشر قرنا على نياحة القديس أثناسيوس الرسولي ( 373- 1973 ) . فأرسل خطابا إلى البابا بولس السادس بتاريخ 30 أبريل 1972 جاء فيه من ضمن ما جاء ” ولعل قداستكم تشاركونا أفراحنا ومسراتنا ، حيث نحتفل في عام 1973 بمرور ستة عشر قرنا على نياحة القديس أثناسيوس الرسولي ، البطريرك العشرين من بابوات الإسكندرية ، وبهذه المناسبة نرجو أن يتوج الإحتفال العالمي بعودة رفاته المقدسة من فينسيا حيث يرقد بكنيسة القديس زكريا أبي يوحنا المعمدان ، وعلى المقبرة التي تغطي جزءا من الحائط الجنوبي أي الأيمن للكنيسة ، كتبت العبارة التالية ” جثمان القديس أثناسيوس بطريرك الإسكندرية المعترف ومعلم الكنيسة ” ….. وإذ تفضلتم يا صاحب القداسة ، بصدور أمركم بإهدائنا رفات القديس أثناسيوس الرسولي ، واستخدتم نفوذكم في ذلك ، فستكون هذه الهدية الثمينة تعبيرا جديدا عن روح المحبة التي تتزايد بيننا ، خاصة ونحن نستقبل عصرا جديدا ، فيه إنفتاح بناء لتأدية كنيسة المسيح رسالتها الأبدية للعالم كله “.
رحلة البابا شنودة إلى الفاتيكان ومقابلة البابا بولس السادس في 10 مايو 1973 :
ولقد سافر قداسة البابا شنودة الثالث إلى الفاتيكان للقاء البابا بولس السادس ، وشكل قداسته وفدا للسفر معه ، أما أعضاء الوفد فهم :
1-الأنبا باسيليوس مطران القدس .
2-الأنبا مرقس مطران ابو تيج .
3-الأنبا ميخائيل مطران أسيوط .
4-الأنبا ابرام أسقف الفيوم .
5-الأنبا أثناسيوس أسقف بني سويف .
6-الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والاجتماعية .
7-الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي والثقافة القبطية .
8-الأنبا يؤانس أسقف الغربية .
9-الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة .
10-أثنان من الآباء مطارنة أثيوبيا .
11-القمص متياس السرياني ( المتنيح نيافة الأنبا رويس الأسقف العام فيما بعد ) .
12-الراهب القس أمونيوس السرياني
13- الشماس الدكتور يوسف منصور .
14-الشماس الدكتور جورج حبيب بباوي .


استلام البابا شنودة الثالث للرفات المقدسة :
وفي صباح يوم السبت 6 مايو 1973 ، أقام البابا شنودة الثالث والوفد المرافق لقداسته قداسا قبطيا بكنيسة القديس أثناسيوس بروما ، اشترك فيه كل أعضاء الوفد المرافق ، وبعد القداس حضر الجميع القداس الذي أقامه البابا بولس السادس ( 1897- 1978 ) طبقا للتقويم الروماني الذي تتبعه الكنيسة الرومانية الكاثولوكية . وبعد القداس صعد البابا شنودة الثالث إلى المذبح وجلس على كرسي معد خصيصا له ، والقي خطابه باللغة الإنجليزية . وبعد ذلك القى البابا بولس خطابه ، ثم تعانق الحبران الكبيران في وسط تصفيق الجماهير ، حينئذ سلم البابا بولس رفات القديس أثناسيوس في كأس ذهبي كبير للبابا شنودة ، ثم نزلا الأثنان في موكب رسمي من المذبح إلى خارج الكنيسة .
وصف الأنبا غريغوريوس لرفات القديس أثناسيوس الرسولي :
وعندما سؤال الأنبا غريغوريوس عما إذا كان شاهد الرفات بنفسه ،أجاب ” نعم . لقد رأيتها بنفسي وهي عبارة عن عظمة كريمة من عظام القديس ، وضعت في داخل كأس من الذهب الخالص صنعت خصيصا لها ، وأغلق عليها اغلاقا محكما ، ويمكن رؤية العظمة الكريمة من الأطار الزجاجي للكأس الذهبي ، ثم وضعت الكأس في صندوق خشبي مغطي بقطعة من قماش القطيفة التمينة زتيتية اللون ، ولدواعي السفر وضع هذا الصندوق في صندوق أكبر حجما هو الذي شاهده الجميع في الكاتدرائية بعد عودة البابا شنودة والوفد المرافق لقداسته .
عودة الوفد القبطي إلى القاهرة وإقامة ندوة علمية عن القديس البابا أثناسيوس الرسولي خلال الفترة من 14- 16 مايو 1973 :
ولقد أقيمت ندوة علمية كبرى شارك فيها مجموعة كبيرة من صفوة علماء اللاهوت من جميع الكنائس المسيحية ، وذلك خلال الفترة من 14 – 16 مايو 1973 . أما عن أسماء المشاركين في تلك الندوة فهم :
1-نيافة الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي .
2-الأنبا يوحنا كابس المعاون البطريركي للأقباط الكاثوليك .
3- البروفيسر الدكتور مارتن بلاملي Prof . Dr . Martin Plumley أستاذ ورئيس قسم الدراسات المصرية والقبطية بجامعة كمبردج .
4-الدكتور القس لبيب مشرقي عن الكنيسة الأنجيلية .
5-الكلمة الختامية لقداسة البابا المعظم الأنبا شنودة .
و ضع الرفات المقدسة في مزار خاص داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية :
وبعد نهاية الاحتفالات ، تم وضع الرفات المقدسة في مزار خاص بمدخل كنيسة العذراء والأنبا بيشوي تحت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ( كثيرا ما كنا نأخذ بركة هذه الرفات المقدسة كلما توجهنا للصلاة في كنيسة العذراء والأنبا بيشوي ، وكثيرا ما شاهدت المتنيح الأنبا غريغوريوس وهو خارج من كنيسة العذراء والأنبا بيشوي بعد نهاية القداس ، متوجها في طريقه إلى مقر سكنه الخاص بالكاتدرائية ، كان يقف أمام الرفات المقدسة ، ويرفع يده بعلامة الصليب المقدسة الممسك بها يديه ، ثم بنحني ويرشم الصليب ثلاث مرات ، ثم يتوجه في طريقه نحو سكنه الخاص بعد ذلك ) .
نقل الرفات المقدسة إلى المقر الحالي :
وفي يوم الأربعاء الموافق 11 مارس 1998 ،وفي مناسبة إجتماع الآباء بطاركة ورؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بالشرق الأوسط ، قام قداسة البابا شنودة الثالث بالاشتراك مع المتنيح البطريرك ما زكا عيواص الأول ( 1933- 2014 ) بطريرك أنطاكية وسائر المشرق في ذلك الوقت ، و الكاثوليكوس آرام الأول بطريرك الأرمن الأرثوذكس (1947- ما زال حيا ) . بنقل رفات القديس إلى المقر الحالي الذي يرقد فيه حاليا ، ويرقد معه المتنيح نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة (1920- 1981 ) والمتنيح القمص ميخائيل إبراهيم كاهن كنيسة مارمرقس شبرا ( 1899- 1975 )) ، ثم دفن فيه بعدهما وبناء على وصيته نيافة الحبر الجليل الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي .
التجديد الشامل للمزار في عهد البابا تواضروس الثاني :
وفي مساء يوم الأربعاء 20 نوفمبر 2013 ، قام قداسة البابا المعظم الأنبا تواضروس الثاني ( أطال الله حياته ومتعه بالصحة والعافية ) ، بعمل تجديد شامل للمزار ، وفي عظته الأأسبوعية بكنيسة العذراء والانبا بيشوي قال من ضمن ما قال ” وجدنا انه من المناسب عمل مزار خاص به وهو بمثابة كنيسة صغيرة يمكن عمل قداسات به ونفس الكنيسة بها جسد القمص ميخائيل إبراهيم والمتنيح الأنبا صموئيل الذي استشهد عام 1981 والأنبا غريغوريوس الذي تنيح عام 2001 ، وهذا المزار للآباء ليعبر عن محبتنا لهم ” . ولقد كان الافتتاح بحضور لفيف من الآباء المطارنة والأساقفة نذكر منهم ( نيافة الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط البلد وسكرتير المجمع المقدس وقتها – نيافة الأنبا جبريل أسقف النمسا – نيافة الأنبا مرقس مطران شبرا الخيمة – نيافة الأنبا سيرابيون مطران لوس انجلوس – المتنيح نيافة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي ) . وعدد كبير من الآباء الكهنة والشمامسة .


أماكن وجود رفات القديس أثناسيوس الرسولي بمصر حاليا :
في حدود المعلومات عندي ، يوجد جزء من رفات القديس أثناسيوس الرسولي محفوظة في مطرانية البحيرة بناء على طلب المتنيح نيافة الحبر الجليل الأنبا باخومويس ( 1935 – 2025 ) ،حيث قام قداسة البابا شنودة الثالث بالاشتراك مع مجموعة من الآباء الأساقفة ، بتدشين كاتدرائية القديس أثناسيوس الرسولي بدمنهور وإيداع جزء من الرفات هناك ، وكان ذلك بتاريخ 2 سبتمبر 1990 . وجزء آخر محفوظ في الكاتدرائية التي تحمل أسم القديس بمدينة العاشر من رمضان ، وكان ذلك يوم 11 مايو 2022 . حيث نيافة الحبر الجليل الأنبا مقار أسقف المنطقة بإلقاء عظة توضح أهمية ومكانة القديس أثناسيوس في الكنيسة . بالإضافة طبعا إلى الجزء الرئيس بمزار القديس في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية .
مراجع مختارة للمقالة :
1-نيافة الأنبا غريغوريوس : موسوعة الأنبا غريغوريوس – اقتراحات وموضوعات في رحلات ومؤتمرات ونقد وتقديم لكتب ، جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي ، المجلد رقم 34 ، الصفحات من 118- 120 ، 214 – 215 .
2-جريدة وطني : موضوعات هامة في اللقاء التاريخي بين بابا الاسكندرية وبابا روما ، آحاد شهر مايو 1973 .
3-مجلة مدارس الأحد : عدد خاص عن القديس أثناسيوس الرسولي حامي الإيمان بمناسبة مرور ستة عشر قرنا على انتقاله 373- 1973 ، يونية ويوليو 1973 م ، بؤونة وأبيب 1689 ش ، السنة السابعة والعشرون ، العددان 6 ، 7 .
4-القمص يوسف الحومي : من جيل إلى جيل الحلقة ( 82 ) وأسرار خاصة جدا عن البابا أثناسيوس الرسولي ، مع القمص يوسف الحومي على قناة Me Sat 0وذلك بتاريخ 20 مايو 2022 .
5- ميرا توفيق : البابا يعلن عن افتتاح مزار القديس أثناسيوس الرسولي بالكاتدرائية المرقسية ، الاربعاء 20 نوفمبر 2013 ، موقع صدى البلد .
6- فيلم وثائقي عن حفل رجوع رفات القديس البابا أثناسيوس الرسولي على قناة Me Sat .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى