منال رضوان تكتب قطوف وثمار في الفضائل والخصال

الحكمة
صفة محمودة، من يكتسبها فقد حيز له من الخير الكثير، وفي قوله تعالى: (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) [٢٦٩ البقرة]
كما يقول تعالي (كما أرسلنا فيكم رسولا يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون) [١٥١ البقرة]
وفي منازل السائرين يقول عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي:
الحكمة:
اسم لإحكام وضع الشيء في موضعه، وهي على ثلاث درجات؛
الدرجة الأولى: أن تعطي كل شيء حقه، ولا تعديه حده، ولا تعجله قبل وقته.
الدرجة الثانية: أن تشهد نظر الله تعالى وعيده، وتعرف عدله في حكمه، وتلحظ بره في منعه.
الدرجة الثالثة: أن تبلغ في استدراكك البصيرة، وإرشادك الحقيقة، وإشارتك الغاية.
والحكمة ضالة المؤمن.. وفي هذا يخبرنا الإمام علي بن أبي طالب في كتابه نهج الحكمة:
– ليست الرؤية مع الإبصار، فقد تَكذِبُ العيونُ أهلها، ولا يغش العقل من استنصحه.
– ما استودع الله امرأً عقلًا إلَّا ليستنقذهُ به يومًا ما.
ومن وصاياه لابنه الحسن رضي الله عنهما:
(( يا بني، احفظ عني أربعًا وأربعًا، لا يضُرُّك ما عملت معهن:
إن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحُمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الحسب حسن الخُلُق.
يا بنيَّ، إياك ومصادقة الأحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة الفاجر، فإنه يبيعك بالتافه، وإياك ومصادقة الكذاب، فإنه كالسراب يُقرِّب عليك البعيد، ويبعد عليك القريب)).
وإن تأملنا في وصايا الإمام علي؛ بغية التعلم لوجدنا أنها عين الحكمة.
وعن عمر بن عبد العزيز أنه قال:
– إذا رأيتم الرجل يطيل الصمت، ويهرب من الناس، فاقتربوا منه؛ فإنه يُلقَّى الحكمة.
وكتب سلمان إلى أبي الدرداء مما كتب:
– إنما العلم كالينابيع، فينفع به الله من شاء، ومَثَل حكمة لا يُتكلم بها، كجسدٍ لا روح له.
ومن كتاب أخبار الظِّراف والمتماجنين لأبي الفرج ابن الجوزي نختم بهذه القصة الطريفة.
قال عمر بن شَبة: أُتى معن بن زائدة بثلاثمائة أسير، فأمر بضرب أعناقهم، فقُدِّم غلام منهم ليُقتَل، فقال:
– يا معن، لا يقتل أسراك وهم عِطاشٌ.
فقال: اسقوهم ماءً.
فلما شربوا، قام الغلام، فقال:
– أيها الأمير، لا تُقتل أضيافُك.
فأطلقهم كلهم، وكان لهم أن نجوا بفضل حكمة الغلام.
منال رضوان – قطوف وثمار في الفضائل والخصال