دراسات ومقالات

منال رضوان تكتب قطوف وثمار في الفضائل والخصال

المروءة

المروءة

صفة حسنة يتخلق الإنسان بها، وهي وإن لم ترد بلفظها صراحة في محكم التنزيل؛ لكن الآية الكريمة في سورة الأعراف تدل على عظم هذه الصفة النبيلة،
قال تعالى:
(خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين).
ومن تأويلاتها:
عن أُمَيْ قال : لما أنزل الله، عز وجل، على النبي: ( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) 
قال رسول الله : ” ما هذا يا جبريل؟
 قال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك.
وتتصل المروءة بالإيثار؛ فيقدم الإنسان غيره على نفسه في الخيرات، حتى وإن اشتدت به الحاجة.
وفي منازل السائرين يقول الأنصاري في باب الإيثار:
قال تعالى:
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)
الإيثار: تخصيصٌ واختيار، والأثَرة تحسن طوعًا وتصح كرهًا.
وهو على ثلاث درجات؛
الدرجة الأولى: أن تؤثر الخلق على نفسك، فيما لا يَحْرُم عليك دينًا، ولا يقطع عليك طريقًا، ولا يفسد عليك وقتًا.
ويستطاع هذا بثلاثة أشياء: بتعظيم الحقوق، ومقت الشُّح، والرغبة في مكارم الأخلاق.
الدرجة الثانية: إيثار رضا الله تعالى على رضا غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت به المؤن، وضعف عنه الطَّول والبدن.
ويستطاع بثلاثة أشياء: بطلب العود، وحسن الإسلام، وقوة الصبر.
الدرجة الثالثة: إيثار الله تعالى، فإن الخوض في الإيثار دعوى في الملك، ثم ترك شهود رؤيتك إيثار الله تعالى، ثم غيبتك عن الترك.
ولا ترتبط المروءة بالشكر من الناس على أداء المعروف؛ فكما قال الإمام علي كرم الله وجهه:
لا يزهدنك في المعروف من لا يشكره لك، فقد يشكرك عليه من لا يستمع بشيء منه…
كما قال:
من أصبح والآخرة همه، استغنى بغير مال، واستأنس بغير أهل، وعزَّ بغير عشيرة.
ومن جميل الحكم التي وردت في الحكم العطائية
– لا تطلب عوضًا على عمل لست له فاعلًا.
يكفي من الجزاء لك، على العمل، أن كان له قابلًا…
حكاية:


يحكى أن فارسًا عربيًا كان في الصحراء على فرسه، فوجد رجلاً تائهًا يعاني العطش..
فطلب الرجل من الفارس أن يسقيه الماء.. فقام بذلك!
صمت الرجل قليلاً ، فشعر الفارس أنه يخجل بأن يطلب الركوب معه!
فقال له: “هل تركب معي إلى حيث تجد المسكن والمأوى؟”
فقال الرجل: “أنت رجل كريم حقًا.. شكرًا لك.. كنت أود طلب ذلك لكن خجلي منعني!”
ابتسم الفارس… فحاول الرجل الصعود لكنه لم يستطع وقال “أنا لست بفارس.. فأنا فلاح لم أعتد ركوب الفرس”…
اضطر الفارس أن ينزل كي يستطيع مساعدة الرجل على ركوب الفرس.. وما إن صعد الرجل على الفرس حتى نكزها وهرب بها كأنه فارس محترف!!
أيقن فاعل الخير أنه تعرض لعملية سطو وسرقة.. فصرخ بذلك الرجل قائلًا:
“اسمعني يا هذا… اسمعني !.”
شعر اللص بأن نداء الفارس مختلف عن غيره ممن كانوا يستجدون عطفه..
فقال له من بعيد:
“ما بك؟!”
فقال الفارس: “لا تخبر أحدًا بما فعلت رجاء”..
فقال له اللص: ” هل تخاف على سمعتك وأنت تموت؟”…
فرد الفارس صاحب المروءة والنبل:
“لا.. لكنني أخشى أن تنقطع المروءة عند العرب وأن ينقطع الخير بين الناس”…

منال رضوانقطوف وثمار في الفضائل والخصال

 

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى