بقلم/ حسام عبد القادر مقبل
“الحياة ذكريات جميلة وحزينة، سعيدة ومؤلمة، قد تكون مليئة بالإنجازات، أو بالإخفاقات.. وتبقى الصورة هي التي تسجل هذه الذكريات وتحتفظ لها لتصنع تاريخنا”.
حسين دعسة والفن التلقائي
لا أتذكر متى بدأت صداقتنا بالضبط، لأنها غالبا بدأت إلكترونية، ثم تحولت لواقعية جدا، فعندما التقينا أحسست أني أعرفه من زمن طويل، وجلسنا معا كأننا أصدقاء منذ نعومة أظافرنا، هو إنسان تلقائي جدا محب للناس وللحياة، مخلص لكل من حوله، لا يتأخر في مساعدة الغير، فنان وكاتب وصحفي بدرجة امتياز، هو صديقي العزيز حسين دعسة.
قصة الصورة في مقال اليوم، ليست عن حسين دعسة نفسه، فالحديث يطول جدا كي أحكي عنه، ولن يكفي مقال واحد، ولدينا من الصور المشتركة المئات ما بين القاهرة والإسكندرية وعمان بالأردن، ولكن هذه الصورة لها وقع كبير في نفسي.
كان حسين مجرد أن تطأ قدمه الإسكندرية، يذهب مباشرة إلى مكتبة الإسكندرية للقائي، حيث تبدأ الرحلة من مكتبي بمكتبة الإسكندرية، وكنت دائما استقبله ثم اخطفه بعد أن يسلم على كل الزملاء جيراني، فقد أصبحوا أصدقاءه بالفعل خلال فترة قصيرة، ونذهب إلى كافتيريا المكتبة، حيث كنت دائما أمارس عملي واستكمله وأنا داخل هذه الكافتيريا والتي شهدت تاريخا من اللقاءات والاجتماعات تحتاج مجلدا للكتابة.
جلسنا نطمئن على بعض، وعلى أحوال الأسرة والأصدقاء في الإسكندرية والأردن، وطلب حسين قهوته، وطلبت أنا الشاي كعادتي، وأثناء حوارنا عن الثقافة والصحافة والندوات والكتب إلى آخر ما نهتم به في مجالاتنا المشتركة، كان حسين أنهى قهوته، ولكنه كان يتحدث وهو مشغول قليلا، فلاحظت أنه يلعب بشوكة طعام على المائدة ويضعها داخل فنجان القهوة ويلعب ببقايا القهوة، ثم يسكبها في طبق القهوة.
ضحكت بيني وبين نفسي، وقولت ماذا يفعل حسين؟ فسألته هل تريد فنجان آخر من القهوة؟ رد على الفور وقال لي “لا يكفيني فنجان واحد يا صديقي”.
وانشغلت بحوارنا عن لعبه بالفنجان وبالشوكة وبالطبق، وبعد عدة دقائق نظرت صدفة إلى الطبق وما فعل به، ففوجئت بشيء مذهل، فوجئت بلوحة فنية رائعة على طبق القهوة، رسمها من بقايا القهوة واستخدم الشوكة كريشة للرسم، ورسم وجها لفتاة ذات عيون واسعة وجميلة وشعرها ينسدل بانسيابية على خدها.
ظللت مذهولا من روعة اللوحة ودقة الأداء وغرابته، ولم أنطق بل أخرجت موبايلي والتقطت هذه الصورة التاريخية، وناديت على مدير الكافتيريا الذي أعجب جدا باللوحة وطلبت منه ألا يغسل هذا الطبق وأن يحتفظ به ويكتب عليه الفنان حسين دعسة، ولا أعرف إن كان فعل أم لا، ولكني احتفظت بالصورة لأنها هي التي ستبقى، فقد يكسر الطبق فيما بعد، ولكن الصورة لا.
ولحسين دعسة لوحات فنية عديدة، ولكن ستظل هذه اللوحة التلقائية هي الأهم بالنسبة لي، خاصة أني شاهد عليها وعلى ولادتها.
حسام عبد القادر مقبل – صورة في حدوتة