بقلم حسام عبد القادر مقبل
“الحياة ذكريات جميلة وحزينة، سعيدة ومؤلمة، قد تكون مليئة بالإنجازات، أو بالإخفاقات.. وتبقى الصورة هي التي تسجل هذه الذكريات وتحتفظ لها لتصنع تاريخنا”.
الأثري أحمد عبد الفتاح وحكايته مع التكنولوجيا
الأستاذ أحمد عبد الفتاح شخصية نادرة صعب أن تتكرر، يمكن أن أصفه بالعبقرية دون مبالغة، هو موسوعة متنقلة لديه غزارة في المعلومات التاريخية والآثار غير طبيعية، هو خبير الآثار ومستشار وزير الآثار، ورئيس قطاع الآثار بغرب الدلتا الأسبق.
تعرفت على أحمد عبد الفتاح مع حفظ الألقاب، وأنا ما زالت طالبا بالجامعة، كنت أتدرب مع الأستاذ الصحفي الكبير علاء رفعت رحمه الله، وفي مكتب علاء رفعت تعرفت على كثيرين ومنهم أحمد عبد الفتاح، وعندما رآني أول مرة تعجب من ابتسامة كانت على وجهي، وقال لي “أتمنى أن تدوم هذه الابتسامة عندما تتخرج وتدخل معارك العمل والحياة”، وضحكت وقتها متعجبا من قوله، ولكني فهمت بعدها معناه.
منذ هذا اللقاء وتكونت صداقة جميلة بين التلميذ والأستاذ، وبدأت أذهب إليه لأجرى حوارات صحفية وأحصل على أخبار جديدة لمجلة أكتوبر، وكان لا يبخل أبدا بالمعلومات وكان يمدني دائما بالجديد الذي أسبق به الآخرين كصحفي، وكان يقول لي أنت من مدرسة “علاء رفعت” ولابد أن يكون لك وضع خاص.
مرت السنوات وكانت اللقاءات متباعدة، وفي مرة قابلته صدفة وطلبت منه رقم موبايله فنظر لي شذرا وقال لي أنا عمري ما حاشيل الموبايل ده ولا أعترف به، ضحكت قلت له كيف أصل لك، قال عندك تليفون بيتي لم يتغير.
نصحته كثيرا بكتابة مذكراته، فلديه من المعلومات والأسرار والحكايات والشخصيات التي يمكن أن تكون مجلدات لا مجرد كتاب، واتفقت معه يوما أن نحدد جلسة أسبوعية وأحضر معي المسجل، ويحكي هو وأنا أسجل ثم أقوم بتفريغ التسجيلات وأحولها لمذكرات، وهو مشروع رائع جدا لم أنفذه مع الأسف مثله مثل مشاريع كثيرة أخرى.
ومرت سنوات أخرى عديدة، وقابلته في مكتبة الإسكندرية مع الدكتور خالد عزب وكانت مقابلة سعيدة تعجب فيها خالد عزب من معرفتنا الوثيقة ببعض، ضحك أحمد عبد الفتاح وقال له “إحنا معرفة قديمة جدا”، وفوجئت وقتها أنه ما زال مصرا على عدم اقتناء موبايل، ولا يستخدم شبكة الإنترنت، ولا يعترف بأي تكنولوجيا حديثة، قلت له “أنت الوحيد في مصر، وقد يكون في العالم الذي لا يحمل موبايل” ضحك وقالي “مش مهم”.
وقتها قررت أن ألتقط صورة معه للذكرى، لأدخل التاريخ مع الوحيد الذي لم يستخدم الموبايل، وقبل أن يغادر مكتبي قال لي “ابتسامتك ما زالت موجودة ولكنها باهتة”.
حسام عبد القادر مقبل – صورة في حدوتة