دراسات ومقالات

أ.د. عايدي علي جمعة يكتب آسيوية تكتب عن إفريقيا

حين قرأت رواية “امرأة سوداء في باريس” للروائية الأردنية الفلسطينية  الدكتورة سناء أبو شرار أخذتني الدهشة، فالرواية تتفاعل بتقنيات روائية ذات حرفية عالية مع قضية إفريقية بالأساس، وعبر صفحات الرواية التي أصدرتها دار شمس للنشر والتوزيع والتي تجاوزت الأربعمائة صفحة لم ينتابني أدنى شك بأن الكاتبة إفريقية، بل ظننت ــ بسبب هذه الرواية ــ بأن الكاتبة ولدت وعاشت في قلب القارة الإفريقية، فقد كان هناك حضور فذ للملامح الإفريقية الصميمة مثل الغابات والأحراش والحيوانات ولون البشرة السمراء التي تطالعنا بها شخصيات الرواية وأشكال الصراع فيما بينها، كما كان هناك حضور فذ لمأساة إفريقيا، تلك القارة الغنية جدا جدا بثرواتها ونبض شعوبها، ولكنها في الوقت نفسه مستغلة من الرجل الأوروبي الذي نهب بطريقة منظمة جدا عبر العقود الطويلة ثروات هذه القارة وأذاق أبناءها الكثير والكثير من ويلاته.

وإذا كانت دهشتي كبيرة من قدرة الكاتبة على أن تجعلني أتنفس في جو إفريقي فاتن، فقد كانت دهشتي بنفس القدر وهي تنقل لنا رحلة البطل والبطلة إلى أوروبا والتفاعل المعقد جدا بين أبناء إفريقيا من ناحية وبين البيئة الأوروبية التي لا ترحم من ناحية أخرى.

وهنا يطل تاريخ عريض من الصراع المتراكم الذي يحمله أبناء القارة السمراء في أعمق أعماقهم ويتوارثونه جيلا من بعد جيل.

وعلى الرغم من الظلام الشديد الذي يغلف حياة البطل المحوري وزوجته البطلة المحورية فإن الرواية ــ في النهاية ــ قد فتحت باب الأمل على مصراعيه، وذلك بعودة البطلة مرة أخرى إلى قريتها الإفريقية وعودتها إلى ضفاف بحيرتها وإلى الأمطار الخصيبة، وقد أخذت عنان المبادرة والفعل لكي تجعل من إفريقية جنة الله على الأرض.

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى