ساحة الإبداع

حِزامُ النَّار.. وحِزامُ العَار! (ثورة مخدوعة.. كأنها قصة حب خادعة)! حسن طلب

 

 

حِزامُ النَّار.. وحِزامُ العَار!

(ثورة مخدوعة.. كأنها قصة حب خادعة)!

=========

                                                                     حسن طلب

 

يُقالُ فى أمْثالِهمْ (*)


[يدَاكَ أَوْكَتا.. وفُوكَ قد نفَخْ]!


            فاحتَمِلِ الآنَ الغرامَ..
            مِن تَباريحِ (حِزامِ النَّارِ)..
بالجِرْمِ الذى أُنْهِكَ.. والقلبِ الذى رُضِخْ
 
إنْ كنتَ قد أرتْكَ إحدَى الغِيدِ غدْرًا
                      لا تَلُمْها!
لا تلُومَنَّ سِوَى حدْسِكَ..
  إذْ ربُّكَ أعطاكَ بصِيرةً..
فآثرْتَ العَمَى!
أهْداكَ- جلَّ شأنُهُ- سمْعًا
فلمْ تُصِخْ!
 
لكنْ تلهَّيْتَ عن الجَوْهرِ بالمظهَرِ:
سِحْرِ طرْفِها الأحْوَرِ..
لوْنِ شَعرِها الأشقَرِ..
والفمِ الذى يَهزأُ بالكوْثَرِ..
والنَّهدِ الذى يَبهَرُ.. والقَدِّ الذى شمَخْ!
وعبهرٍ ناهيك منه..
إذ يضوع من جبينها الذى ضمخ!
 
وفجأةً صحوْتَ يومًا..
فإذا بكُلِّ ما ادَّعَتْ
عنِ الحُبِّ الفريدِ الأبدِىِّ.. 
قد ضاعَ فى طَرفَةِ عيْنٍ..
نَسَخَتْهُ.. فانتسَخْ!
 
كلُّ الذى قد عاهدَتْكَ غيْرَ مَرَّةٍ عليهِ..
فى ثَمانِى سنواتٍ باسْمِ عهْدِ العِشقِ..
فى سُرعَةِ لمْحِ البرْقِ: قد فُسِخْ!
     لو كانَ حُبًّا لاسْتدامَ..
كانَ- مهْما مرَّتِ الشُّهورُ والأعْوامُ-
           قد رسَخْ!
 
لا تَلُمِ الآنَ سِوَى نفْسِكَ!
       إذ أنفقْتَ عُمرًا ضائعًا
تبحثُ فى البيْداءِ عن نَبْعٍ نَضَخْ!
بلْ وتجِدُّ فى التِماسِ الوردةِ..
       المَصُونَةِ الفيْحاءِ..
مِن عُفونَةِ السَّبَخْ!
 
هل كَمِهَتْ عيْناكَ..
إذْ ترفَعُ مِن بائعةِ الهوَى
         إلى منزلَةٍ فوقَ السِّماكِ!
قبلَ أنْ تَضبِطَها عاريَةَ النَّهديْنِ
                  فى مَكتبِها
بيْنَ يدَىْ معشوقِها اللَّطِخْ!
 
ويا لَها مِن صدْمةٍ مُودِيَةٍ
مِن غُمَّةٍ جلَتْ.. فما انجلَتْ!
 كأنَّ الأرضَ مِن تحتِكَ: زُلزِلتْ
فلمْ تدَعْكَ إلّا وجِدارُ رُوحِكَ انشَرخْ!
 
مِن يوْمِها تلوَّثَ الوِجْدانُ بالأدْرانِ..
     والرُّؤيَةُ غامَتْ دُونَ عينيْكَ..
         وقلبُكَ الغرِيرُ الطِّفلُ:
قد رانَ عليهِ الرَّانُ.. فارتبَخْ
 
وهكذا كانَ خِتامُ رحلةِ الحبِّ الحَرامِ..
      حيثُ صارَ الجَسدُ المُنهارُ:
         لا يَصحُو ولا ينامُ!
رنَّختْهُ آلامُ حِزامِ النارِ..
فى الليلِ وفى النَّهارِ..
لمْ تزَلْ بهِ حتى رَنَخْ!
 
فلا تلُومَنَّ سِوى نفْسِكَ..
ما دامتْ يداكَ أوْكتَا وفُوكَ قد نفَخْ!
 
ولا تسَلْ عن “شهدَ” بعدَ اليومِ..
            “شهدُ” لمْ تعُدْ “شهدَ”..
وإنْ أخلصَتِ الرُّفقَةَ فى عامٍ سَلَخْ!
                 وقبْلَهُ.. وقبْلَ قبلِهِ:
     أذاقتْكَ مِن الماذِىِّ حتى أسْكرتْكَ..
بل وأغرقتْكَ فى دَيْمومَةِ النَّشوَةِ.. والبذَخْ!
 
لكنَّها ليستْ هى الآنَ!
     كأنَّما: منذُ ثمانِى سنوَاتٍ
وإلَهُ العشقِ يَسقِيكَ سُلافًا فاسِدًا مُسمَّمًا
          مِن شرِّ ما طبَخْ!
 
“شهدُ” التى عشقْتَ لم تعُدْ هى الآنَ..
                   فقد تكونُ ماتتْ
أو تكون الآن عادتْ لاسمِها الأصلِىِّ:
             “غادةِ المُقطَّمِ”..
 
انظُرْ الذى تبقَّى الآنَ مِن كِيانِها المُحطَّمِ:      
                  ضميرُها الذى امتُلِخْ!
أمْ وجهُها الغضُّ الطُّفولِىُّ الذى مُسِخْ!
              أم نهدُها الذى رتَخْ!
     أمْ هلْ رُضابُها الذى مَسُخْ!
   أُذِيقَ منهُ السِّفْلةُ الأجْلافُ..
  حتى أصبحَ الآنَ يُعافُ..
مِن زُهومَةٍ ومِن سنَخْ!
 
فيا لَها داعِرةً
تزنَّخَتْ بينَ سَريرٍ وسريرٍ..
     فتَخَتْ ما بينَ ساقَيْها
لِكل عابر يهفُو إليها.. فانفتَخْ! 
مَن الذى يرغبُ فيها الآنَ..
إلَّا كلُّ خِرتيتٍ زنِخْ!
 
دعْ عنكَ تلك المُومسَ الشمطاءَ..
تلك الحيَّةَ الرَّقطاءَ..
تلك الهِرَّةَ الجائعَةَ التى أثارتْكَ..
فكانتْ إنْ رأتْكَ-
أو رأتْ هِرَّكَ- ماءَتْ!
وهْو ما كانَ رآها مَرةً إلّا اشتَهاها
وبأعلَى صوتِهِ صرَخْ!
 
فلتنْسَ “شهدَ” الآنَ فى الأوَّلِ..
            أو “غادةَ” فى الآخِرِ..
لا تصُبَّ بعدَ اليومِ مِن نَبيذِكَ الفاخِرِ-
                   إنْ صبَبتَهُ-
فى قدَحٍ قد انشدَخْ!
 
“شهدُ” التى أحببْتَ ماتَتْ 
بعدَ هذا اليومِ..
لا تشْكُ لِأصحابِكَ: ما بِكَ..
البَغِىُّ الآنَ قد عادتْ إلى تاريخِها 
       فما الذى ترجُوهُ مِن توْبِيخِها!
ليسَ عليكَ غيرَ أنْ تُطهِّرَ الفؤادَ
       مِن هذا الوَسَخْ!
 
ولا تقُلْ: قد شِختُ.. أو أكادُ..
ما دامَ الفؤادُ بعدُ لمْ يشِخْ!
 
وإنْ تكنْ بُؤتَ بآلامِ حزامِ النارِ..
فلتنظُرْ إلى غادةَ: باءتْ بحِزامِ العارِ..
            باعتْ نفْسَها.. فلتَنْسَها
دعْها بعارِها الذى إذا جَلَا: جلَخْ!
 *** ***
يداكَ يا أخا الهوى هُما اللتانِ أوْكتَا
       فُوكَ هُو الذى نفَخْ!
==================
(*) “يداك أوْكَتا .. وفُوكَ نفخ“: مثل عربى قديم يضرب لكل من لم يحسن تدبير أمره، فلقى المصير الذى يستحقه.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى