ساحة الإبداع

كالقلمِ فى المحبرةِ قصة جلاء الطيرى

كالقلمِ فى المحبرةِ  قصة  جلاء الطيرى

 

أسيرُ منكفئة أضُم حقيبتى إلى صدرى ، فشلت محاولا ت أمى ، وأبى فى ردعى عن تلك المشية ، ظهر لى قتب صغير من كثرة انكفائى ونظرتى التى تكاد تُلامس الأرض. كثيرا ماتعرضتُ للسقوط أرضا أو التخبط فيما أُقابله فقط لأن نظرتى محصورة مابين أرض متربة وحذاء تُعرقله ملابس فضفاضة أرفُلُ فيها كعصا الخيزران وخمار طويل يصل لأسفل البطن ، وقتها كنت طفلة لم أتعد العاشرة كنت أصغر من زميلاتى اللاتى يكبرننى بسنتين أو أكثر وقتها الأزهر أعلن عن مسابقة الفائز فيها ينتقل من الصف الرابع الإبتدائى إلى الصف الأول الإعدادى تركت صديقات المرحلة الإبتدائية إلى المرحلة الإعداية هكذا بدون مقدمات وجدت نفسى أقصر وأنحف الموجوات فى الفصل  ،تقريبا كنتُ لا أستبين من المقعد، كنت فرحة بأنى سأذهب المدينة يوميا .

 زميلات الفصل كنَ يضحكن على جسدى الضئيل المندسُ فى عباءة بنية اللون ، وحجاب طويل أبيض يُغطى ماتبقى من جسدى ، عندما يدق جرس الفسحة كنت أذهب للحديقة الخلفية لمعهدى الأزهرى أنزع عنى حجابى وأدع ضفائرى الطويلة حرة طليقة، أحنُ إلى مدرسة القرية فأتسلق شجرة جوافة أأكل منها وعندما يدق جرس انتهاء الفسحة أعود إلى الفصل أرتدى حجابى غير المهندم وعباءتى قد أتسخت أتعرضُ للتنمر من إحدى مدرساتى التى تسخر منى ومن شكلى الضئيل أروح فى بكاء مكتوم تسمعنى صديقتى فى المقعد والتى لمث أحادثها أبدا ، تمسح عنى دموعى تُعطينى سندوتش مربى ، تسألنى عن سبب ثيابى المتسخة أطلعها على سرى وشجرة الجوافة وأشجار اللليمون والعنب فى الحديقة الخلفية للمعهد ، تسألنى كيف دخلت إلى هناك والحديقة مسورة بأسلا ك  (وعم طماطم) فراش المعهد توعد الذاهبات إلى هناك بالعقاب. أخبرتها أن جسمى الضئيل أتاح لى الدخول من إ حدى الفتحات فى السور،شاركتها سرى وشاركتنى التسلل وأكل ثمار الجوافه ، كُشف سرُنا عندما رأنى شيخ المعهد وأنا أتسلق الشجرة وأُلقى لصديقة سندوتش المربى وهى تتلقفهم فى حجابى ، فقط الآن وجدت له فائدة،عوقبت فى طابور الصباح بالضرب عشرين جلدة على يدى ، ليس كما ظننت لسرقاتى ثمار الجوافة وإنما لخلع حجابى، كأننى ماعزُأُجلد لارتكابى الفاحشة، كرهت الأزهر وكرهت حجابى وكرهت دروسه التى لا أفهم منها شيئا ،فى درس الفقه وأنا فى الصف الأول الإعدادى كنت أدرس أن الزانى يُرجم إذا كان متزوجا ، وأن يراه أربعة شهود عدول ، كالقلم فى المحبرة ، والمورد فى المكحلة ، هكذا بالنص، أسألُ المدرسة ما معنى الزنا، فترد إحفظى المكتوب، طيب لما أشوف قلم ومحبرة ، ومرود ومكحلة ، يبقى كده زنا، المدرسه أخرسى أنت بنت قليلة أدب ومتربتييش، أُ شفق على جدتى التى تكتحل وتملك مرودا ومكحلة، وأشفق على أبى الذى يمتلك محبرة وقلما، لابد أنهما زانيان ، وسُيقذفون بأحجار صغيرة ، أعودُ إلى البيت فأكسر مكحلة جدتى يتناثر كحلها على وجهى وجسدى افرغ محبرة أبى فيتلون جسدى بالمداد،أصيرُكعفريت من الجنِ، أتعرضُ للضرب منهما لأنى فتاة مخربة هما لم يفهما أنى أخاف عليهما من الرجم.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قصة قصيرة يحاول فيها الإنسان فك وحل الألغاز حوله والتي تزيد يوما بعد يوم بدءا من ضياع معالم جسده التي خلقه الله عليه والمغالاة في اخفائه ثم التنمر من الأقران والكبار على نفس هذا الجسد ،الوقوف ضد رغبته في الحرية وفعل ما يريد وعدم فهم دوافعه وتوقه للحرية من التخلص من القيود الظاهرية وفعل ما يحلو له من تسلق الأشجار وقطف الثمار عودة للإنسان الأول .أصعب ما يواجه الإنسان هو قدرته على سؤال الأسئلة الصعبة ونفاده إلى صلب الموضوع في محاولة جادة للتعلم وفهم ما يدور حوله ولكن الكارثة الكبرى أن يحول بينه وبين الفهم معلم متكلس وجامد ونمطي يهرب من قول الحقيقة بدعوى العيب وخدش الحياء الخ من الحجج البلهاء ويكون عقوبة التجهيل هي الضرب والشتيمة والأذى …إنها البراءة الأولى في مواجهة غول تغذى على الجهل والحفظ الأعمى ….قصة كالقلم في المحبرة تستحق قراءة ثانية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى