سلمى ناصر: عرش القلم بين الركيك والدقيق
كتبته: سلمى ناصر
لتستحق أن تكون كاتبًا، ترتدي تاج الكلمات المرصع بياقوت الأساليب البلاغية، ويحييك شعب القارئين، ينبغي أن تمتلك ما يؤهلك لهذا الشرف العظيم..
أن تكون كاتبًا يعني أنك من أنبل الأشخاص وأعلمهم بمشاعر الناس، أن يكون أسلوبك بليغًا وكلماتك تحمل من المعاني بحورًا، أن تعرف كتاباتك -أيًا كان نوعها- طريقها لقلب من يقرأ فتسكن به وتَعْلَق بذهنه، أن تُفيد وتُثقف وتنشئ جيلًا، وربما أجيالًا ممتدة..
فهل هذا ما نعاصره الآن؟ هل للقب “كاتب” قدسيته كما كان بالسابق؟ هل مازال هناك كتاب يستحقون أن نلقبهم بالعظماء؟!
وأجيبك أيها القارئ بأن ومع كامل الأسف أصبح “من هب ودب” يطلق على نفسه لقب كاتب، بمجرد أن يخط أية جملة -وإن كانت لا تحمل معنًى بداخلها-
كَثُر السفهاء، وانحدر الذوق العام، أضحى الذي لا يعرف أبجدية الكتابة جالسٌ على عرشها المقدس لمجرد أنه جلب الكثير من “المشاهدات، الإعجابات، والمشاركات” وكأنها ما يُعطي للإنسان قيمته..
لو رأى “المتنبي” أو “شوقي” ما حدث بالشعر وما آلت إليه حال الشعراء.. لو قام المنفلوطي، نجيب محفوظ والدكتور أحمد خالد توفيق ورأوا ما حدث بالقصة القصيرة أو الرواية، أو رأى الرافعي إلى أي مدى وصل أدب الرسالة؛ لدفنوا أنفسهم جميعا مرةً أخرى من حسرتهم..
ومع كل هذا لا يمكننا الجزم أبدًا بانقراض الإبداع، بل يوجد الكثير والكثير من العظماء ولكن أغلبهم مغمور والغث هو الظاهر مع كامل الأسف.. وهنا يأتي دورنا نحن أيها السادة القرّاء أن نؤتي كل ذي حقٍ حقه.
ولنستطيع فعل هذا ونتذوق الحروف المرسومة يجب علينا الإبحار عميقًا بمحيط لغتنا العربية العريقة -وسأكتب أكثر عن الموضوع بمقالٍ آخر بإذن الله-
لا نجامل مع من يجاملون ونسير مع التيار، بل يجب أن نبحث ونتجه لمن يستحق ونسلّط أضواء التقدير عليه
وهذه مهمة القرّاء لأن الشخص هو من يبحث عن الفن لا العكس..