الأسودُ يصطفيك نبيًّا شعر امبارك إبراهيم العليقي
ها أنتَ على شِفرة الزمن تلوِّح بنصلِك للشمس تعدُّ الحقائبَ وهمًا وتهمُّ بالرحيل بيْدَ أنها تتشبثُ بذيل جلبابِك المَيت وتتوسلُ إليك بأن تبقَى بجوارها ريْثَما تعدُّ لها الإفطار كما كنتَ تفعل كل فقْد أو ربما تملأ الأطباقَ بكثيرٍ من الخيبةِ والفزع وتغسلُها بفشلِك أنتَ مدثَّرٌ بالزحمةِ وبأمكنةٍ ضيقةٍ وِجْهتُكَ الألم وطريقُك مُحاطٌ بأسيجةٍ من ضبابٍ وأنين الأسودُ يصطفيك نبيًّا يزاحِم بك المصائبَ لكنها لم تَزَلْ تَرَاكَ بعينٍ واحدةٍ وتشير إليك وكأنك سماء ليس عيبًا أن تتَّخِذَك إلهًا من ماء أو أن تتضرَّع لك بجواهرِها وتَسْبَح فيك حَدَّ الغرق ليس عيبًا أن ترقدَ على صليل أضلاعِك أو تسكنك شغافها بلا مبرِّر أنتَ نبيٌّ استباحَتكَ الضلالةُ وفي دمِك ينبتُ العُهر كم من مَرَّةٍ ألقيتَ مجمرةً في عروقها! وفي ضميرها أنت هالِكٌ سُقتَ صغارَها لأقفاصِك وهي لم تَزَلْ ترتجيك تسجدُ بخشوعٍ أمامَ محرابِك والمهيَّأ للزَّوال أما تزالين مُستغرِقةً في التغيب ضالعةً في الضياع صغارُك شَابُوا في أقفاصِه وعلى مَدافنِه يتهافتون وأنتِ تَبنين من خيباتِهم قِلاعًا له وحصونًا أيُّ جنونٍ هذا الذي دَفعكِ صوبَ جحيمِه وأيُّ موتٍ هذا الذي تعشقين! الحرائقُ تتوهَّج تحت لسانِه وتُشيِّد أسجيةً حول أقفاصِه فكيف للصِّغار المروق؟ متى ستكفُرين بضلالِه وتتوبين؟!