ثورةُ الأشواق شعر نصرالدين حسين
ثورةُ الأشواق
ناح الفؤادُ إلى رحابِها توّاق
فاندلعت منهُ ثورةُ الأشواق
لكنما عاشقٌ استذاقَ عذابَها
تمنى أنْ يطولَ مدى الفِراق
كلما توهّجَ ثغرُها المِبسام
ترقرقت فأبرقت بلا برّاق
فجّرت نبع الهوى بالروح
فتّحت الأقاحي بالأعماق
وأزجت هواتن الشوقِ دِيَماً
تبكي على صبابةِ المشتاق
روحُها بالجمالِ تضوَّعت
فعبّقتِ الأرواحَ والأذواق
هذبتِ الحواسَ والإحساس
بها ارتقت مداركُ العشاق
ما تركت إلى المهاةِ أسارى
لقدِّها الممشوقِ والأحداق
ولا للزَّرافى جيداً ساحراً
ولا للنعامِ سطوةٌ بالساق
طفِقَت على الجمْعِ سُمرتُها
(مسحاً بالسوقِ والأعناق)
حتى حررَ سحرُها الأخّاذِ
أسرى المظاهرِ والأعراق
فضحت كلَّ خدعةٍ بصريةٍ
يُعمي العقلَ سرابُها الرّقراق
نقّحت قاموسَ الهوى البالي
من كلِّ صنوفِ الاسترقاق
ولخّصتِ الجمالَ في غيداء
حازت كلَّ مكارمِ الأخلاق
لكنّها ابتكرت للأسرِ لوناً
ليس للعاشقينَ منهُ انعتاق
فهْوَ سُمرةٌ ، نيليةٌ ، قرويةٌ
حتى الشوقُ لمثلِها يشتاق
ظل الفؤادُ مغرماً بعذابِها
مشوٍ بجمرِ النوى الحرّاق
لا يستطيعُ التّحكم لحظةً
على مكابحَ شوقهِ الدّفّاق
إنها شمسٌ هواي العذري!
إذا اقتربت فنارٌ لا تُطاق
وإذا ابتعدت فيا للدهشة!