لمْ يقدِرْ أنْ يتخيَّر لمحمد الشحات بالمجلس الأعلي للثقافة
بمناسبة معرض القاهرة للكتاب المجلس الأعلى للثقافة يصدر آخر دواوين الشاعر محمد الشحات لمْ يقدِرْ أنْ يتخيَّر صدر عن المجلس الأعلى للثقافة برئاسة الامين العام د. هشام عزمي ورئيس الادارة المركزية للشعب واللجان الثقافية محمد عبد الحافظ ناصف ومدير ادارة التحرير والنشر أمل سليمان بمناسبة اقتراب معرض القاهرة للكتاب للشاعر محمد الشحات ديوانه الشعرى الجديد (لم يقدر أم يتخير )، والذى يعد الديوان الثاني والعشرين من أعماله الشعرية ، والتي بدأها بديوانه الأول ( الدوران حول الرأس الفارغ )عن دار الحرية 1974 ، ورغم توقفه عن الكتابة لما يقرب من سبعة عشر عاما ، الا أنه عاد عام 2011 من خلال ديوانه المترو لا يقف في ميدان التحرير والذى صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2012 ليواصل كتابته الشعرية ، ليصدر (أعماله الكاملة) عن دار الادهم في اربعه اجزاء عام 2021 و(المختارات الشعرية) عن دار وعد 2021 ، وها هو ديوانه الجديد (لم يقدر أن يتخير )عن المجلس الأعلى للثقافة والذى يضم ثمانية وثلاثون قصيدة ، ليكمل بذلك مشروعه الشعرى الذى قال عنه الناقد الدكتور أيمن تعليب الأستاذ بكلية الآداب جامعة السويس في مقدمة كتاب ( مرايا الشعر .. مرايا النقد ..تحولات التجربة الشعرية عند محمد الشحات والذى صدر العام الماضي والديوان ينقسم الى خيارين .. الخيار الثاني أنا ونفسي، وكتبت قصائد الخيار الثاني خلال رحلة الشاعر الاخيرة الى الولايات المتحدة الأمريكية ، حيث يعيش أبنه وأحفاده ، وفيها تتجلى شعورة الشديد بالغربة النفسية للشاعر ، موزاية لما تناوله من غربته وغربة ابنه في ديوانه الفريد (سيعود من بلد بعيد )والذى صدر عام 2019 . إن شعرية محمد الشحات شعرية العفوي تفيض باللطافة واللدانة والعذوبة ومن هنا كان سر السحر فيه، وقدرته الفائقة على التأثير في النفوس والعقول فكأنه أنفذ من نفث السحر في متلقيه وقرائه،ولعل هذه الغنائية الذاتية مقرونة بالغنائية الجمعية تذكرنا بهذا القران القديم لدى النقاد والشعراء القدامى بين الشعر والسحر والرقص والغناء حتى اختلط مفهوم الشعر لديهم بمفهوم الغناء. إن شعرية محمد الشحات شعرية الطبع المصقول لا شعرية الفكر الجاهد والثقافة المرهقة الموغلة فى تجريبيتها وغموضها التى تقطع مع واقعها وموروثها الجمالى بصورة قاسية مثل معظم مجايليه من شعراء السبعينيات ، لقد آثر الشاعر أن يغنى قريبا من واقعه وتاريخه لذلك كان غزير الانتاج قريب المأتى إلى أرواح متلقيه،ولايستسهلن أحد ما نقصده هنا بالطبع المصقول ولا السهولة العذبة بل كلاهما جهد جمال ومعرفى مركب،وقديما كان الطبع لازمة من لازمات الفحولة الشعرية القديمة ونحن نجد فى جميع دواوين محمد الشحات هذه السماحة الشعرية الفياضة وهذا الاقتدار التشكيلى والتلقائية المحكمة الذى مكنه من سوق الألفاظ والصور والتراكيب فى طزاجة شعرية غضة تفيض بالجمال والخيال والإيحاءات الملونة، شعرية الشحات تفيض فيضا ولاتنبنى انبناء فلا تحس علي جسد نصوصه طول التفتيش ولارشح الجبين كما يقول القدماء ولا يعنى هذا أبدا الضحالة ولا الابتذال ممن انخدعوا بهذه التلقائية المحكمة ففسدت أذواقهم وسمجت حواسهم بل يعنى الاقتدار العفوي المحكم والسهل الممتنع والبساطة العميقة النافذة. ولعل الشحات يتفوق على زملائه السبعينيين من هذه الجهة فقد أولوا جماليات الكتابة مغامرات التجريب القدح المعلى في نصوصهم حتى أوغلوا في الانفصال الحاد مع الموروث الجمالي والمعرفي العربي فوقع معظمهم في الغموض الثقافي الموحش المجرد والألغاز التشكيلية التجريبية المرهقة فباعدوا بين نصوصهم ونسقية اللغة العربية من جهة وموروثهم الجمالي والتاريخي من جهة أخرى فلم يولوا حساسية المتلقي العربى أى
حسابات تذكر فجاءت حداثتهم الشعرية المفرطة على حساب الارتكازات العميقة للشعرية العربية والجمهور العربى،فبادلهم الجمهور العربى خصاما بخصام،حتى لو تعلل هؤلاء نقادا وكتابا بتطوير الشعرية العربية غير أن حداثهم كانت موغلة فى انفصالاتها التصويرية والسمعية والدلالية مفرطة فى انزياحاتها الشعرية والأسلوبية محدثة هذه الإسنادات الأسلوبية الحادة مما أوقع شعريتهم في هوى التشظى والانقطاعات اللغوية والإيقاعية الصادمة للواقع والقارىء العربى لذا لم تحقق في نظري أغراضها الجمالية والحضارية في الترقي بروح اللغة من جهة وبذوق المواطن العربى من جهة أخرى