قريباً عن دار وعد للنشر والتوزيع مجموعة علي حزين القصصية “مصطفي الحمامصي”
كتب : محسب سعد
تصدر قريباً عن دار وعد للنشر والتوزيع، مجموعة قصصية، تحمل عنوان ،”مصطفي الحمامصي” للقاص علي حزين ، وتحتوي المجموعة علي قصص مميزة ، وأوبرا مصر تنشر جزء من قصة المسحراتي، الآن وذلك بمناسبة شهر رمضان المبارك وبداياته الطيبة دائماً المسحراتي
“أطفال قريتنا يحبونه .. ولا ينامون حتى يأتي إليهم .. ويرونه , ويسمعون صوته .. ويجرون خلفه ليتبعوه بفوانيسهم الصغيرة الجميلة, الملونة غالية الثمن , فما أن يسمعوا صوته قادماً من بعيد .. حتى ينطلقوا نحوه كالفراشات الملونة التي رأت النور وهم منفلتين .. يلتفون حوله في فرح وسعادة .. مبتهجين .. بصياحهم .. والضحك الجميل , مع الضجيج الذي يوقظ النائمين .. قبل أن يوقظهم هذا القادم من بعيد .. وبراءة الأطفال تملأ شارعنا الضيق الطويل الذي يشبه إحدى ممرات الدفن الفرعوني في القديم .. أو قطار السكة الحديد المتجه من القاهرة إلي أسوان
ــ عم عيد جاء .. عم عيد جاء ..
الساعة الثانية بعد منتصف الليل ــ لا بأس ــ فلم يزل هناك متسع من الوقت .. أنظر من النافذة ..أرى الأطفال يملئون ألشارع .. بعضهم يحمل الفوانيس , والبعض الأخر يتشاجر أمام احد البيوت , وقليل منهم يعبث مع زينة رمضان التي قد غطت كل ركن في الشارع تقريباً .. الورق المقصوص الملون بأشكال الطيف , والفوانيس الكهربائية المعلقة , والمصنوعة من الخشب , وأعواد الجريد , والشرطان الكهربائية المضاءة .. تقلب الليل إلي نهار صاخب ….
ها هو عم عيد يقترب صوته قليلا من بيتنا .. وأنا أنظر إليه من بعيد .. وأنتظره حتى يأتي إلي بيتنا .. وحبل الذكريات يشدني إلي أيام الطفولة التي ولت بلا رجعة وتركت بدواخلنا أشياء جميلة .. آه علي الزمن الجميل .. وليت الزمان يعود ..
تذكرت تلك السنون الخوالي التي مرت وانقضت من عمري .. وعادت لذاكرتي تلك الأيام الجميلة , وانبعثت من جديد بداخلي كل الذكريات.. فرأيتني أجري مع الأطفال الصغار في شارعنا , وبيدي الفانوس , حتى أحظى بمكان قريب من عم عيد ” أبو عبده ” أسير بجواره, وهو يضرب علي طبلته الصغيرة التي ورثها من أبيه وهو ينادي علي الناس .. كي يستيقظوا ليستحروا .. وأنا احمل في يدي فانوسي العجيب الذي صنعته بنفسي لنفسي .. وهو عبارة عن حق من الصفيح لا أذكر ما الذي كان فيه .. ربما كان حق سمن صناعي .. وربما كان مجخياً ــ لا اذكرــ .. فتحت فيه نافذة صغيرة , وربما كانت إثنتان .. وقد وضعت الشمعة التي ُصنعت من الشحم .. وقد ربطت الكوز بالدوبارة , وأظل أسير معه , أو لجواره , اتبعه حتى يفرغ من إيقاظ الناس للسحور .. ثم أعود إلي البيت لأتسحر , وأذهب لصلاة الفجر , ثم أعود أدراجي إلي البيت , لأنام حتى الظهيرة .. ولا يوقظني أحد …
الأطفال يقطعون بأصواتهم المرتفعة حبل ذكرياتي المتداعية الممتدة نحو الماضي الجميل .. وأنا قد مُلئت سعادة , وبهجة كالأطفال تماماً بتمام ..”
أوبرا مصر ، أخبار ثقافية ، أخبار عاجلة