منال رضوان تكتب قطوف وثمار في الفضائل والخصال
قطوف وثمار في الفضائل والخصال
– التوكل
من صفات التسليم الحسنة، والتي لا يصح معها ترك الأخذ بالأسباب والجد والاجتهاد والسعي، وقد فسر العلماء التوكل فقالوا : ليكن عملك هنا و نظرك في السماء، وفي الحديث عن أنس بن مالك – رضى الله عنه – قال :
قال رجل : يا رسول الله أعقلها وأتوكل*، أو أطلقها وأتوكل ؟ قال : “اعقلها وتوكل” رواه الترمذي وحسنه الألباني،
فمن حسن الوكالة التدبر مع ترك النتائج والانشغال عنها بالكد والعمل والثقة بأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملًا…
وهناك الكثير من الآيات الكريمة التي تكلمت عن التوكل ومنها قوله تعالى:
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ). [سورة آل عمران، آية: ١٧٣]
(وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلً). [سورة النساء، آية: ٨١]
و عن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.
وفي باب التوكل يقول عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي:
قال الله تعالى: ( وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين).
التوكل: كِلةُ (إسناد) الأمر كُلِّه إلى مالكه والتعويل على وكالته، وهو من أصعب منازل العامة عليهم وأوهى السبل عند الخاصة؛ لأن الحق قد وكل الأمور كلها إلى نفسه، وآيس العالم عن ملك شيء منها.
وهو على ثلاث درجات كلها تسير مسير العامة؛ الدرجة الأولى:
التوكل مع الطلب، ومعاطاة السبب على نية شغل النفس ونفع الخلق وترك الدعوى.
الدرجة الثانية: التوكل مع إسقاط الطلب، وغض الطرف عن السبب اجتهادًا لتصحيح التوكل، وقمعًا لشرف النفس، وتفرغًا إلى حفظ الواجبات.
الدرجة الثالثة: التوكل مع معرفة التوكل، والمنازعة إلى الإخلاص من علة التوكل، وهو أن تعلم أن ملكة الحق تعالى للأشياء، ملكة عزة لا يشاركه فيها مشارك؛ فيكل شريكه إليه، فإن من ضرورة العبودية أن يعلم العبد أن الحق تعالى هو مالك الأشياء وحده.
وروي عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها فرَّقت الدراهم وهي ترفع درعها، فقالت لها خادمتها: ألا أبقيت درهمًا للحم؟
قالت: ألا ذكرتني.
كما روي مسروق** رحمة الله عليه، أنه قال: أوثق ما أكون بالله إذا قالت الخادم ليس عندنا شيء…
وفي نهج الحكمة يقول مولانا الإمام علي بن أبي طالب:
– نوم على يقين خير من صلاة على شك.
كما قال: من أصبح والآخرة همَّه، استغنى بغير مالٍ، واستأنس بغير أهل، وعز بغير عشيرة.
ومما قاله ابن عطاء الله السكندري:
– إن لم تحسن ظنك به لأجل حسن وصفه، فحسِّن ظنك به لأجل معاملته معك، فهل عوَّدك إلا حسنًا؟!
وهل أسدى إليك إلا مِننًا؟!.
………………….
* عَقَلَ الدَّابَّةَ : ضَمَّ رُسْغَهَا إِلَى عَضُدِهَا وَرَبَطَهُمَا مَعاً بِالعِقال لِتَبْقَى بَارِكَةً.. وقد وردت هنا بمعنى ربط الدابة؛ لعدم فقدها.
** أبو عائشة مسروق بن الأجدع الوادعي تابعي ومفتي كوفي، وأحد رواة الحديث النبوي. مات ٦٨٢م، بالجزائر.
منال رضوان – قطوف وثمار في الفضائل والخصال