محسن خزيم يَكتُب : قراءة انطباعية لرواية محسن الغمري “أفندينا”
محسن خزيم يَكتُب : قراءة انطباعية لرواية محسن الغمري “أفندينا”،،،،،كتب الروائي الصديق الأستاذ محسن الغمري روايته التي سماها ” أفندينا “ولهذا الاسم مغزى ومعني حيث أن الرواية تدور في حقبة تاريخية مهمة من تاريخ مصر وهي الفترة التي تولي فيها الوالي العثماني المملوك محمد علي حكم مصر الذي أشتهر باسم أفندينا منذ عام 1805والحقيقة هي فترة تعد من أهم فترات تاريخ مصر المعاصر لما فيها من أسرار وحكايات بين الكواليس ودهاليز القصور والسرايات أغرت صديقي المبدع لتتبع وتقصي حكاية الوالي الحفيد عباس حلمي بما فيها من عجائب وغرائب وهي رواية تستحق القراءة والمتابعة لما فيها من أسلوب سردي رائع وحكايات مشوقة بعد تناولها بطريقة تشد القارئ حتي أخر سطر وقبل أن نغوص في أصل الحكاية لابد وأن نعرف كيف كانت نشأة محمد علي نفسة وهي حكاية مشهورة بدأت في مدينة “قولة” ببلاد اليونان المدينة التب تقع في الجانب التركي اليوناني والذي يقع تحت السيطرة العثمانية التي تسكنها أغلبية من الاتراك النازحين من الأناضول ليسكنو مع الأرناؤوط الألبان منطقة الرومللي من سكان المنطقة الاصليين،فنشأ محمد علي يتكلم التركية العثمانية ويفهم الألبانية بدرجة كبيرة ولكنة لا يعلم شيء عن اليونانية والتي كانت لغة أهل المورة الذين حافظو اعلي هويتهم وقومتيهم بعيدا عن التأثير العثماني علي بلادهم نشأ محمد علي نشأة عسكرية مما كان لها تأثير في ثقافته أذا لم يتعلم القراءة ولا الكتابة فنشأ أميا، ولكن ذكاءه واحتكاكه بكثير من الطوائف منحه خبرة كبيرة في التعامل مع الجميع في مصر كان محمد علي لا يتحدث غير اللغة التركية بين حاشيته وبعض رجاله في الحكم لكن حين أراد التودد إلي المصريين كان يجب عليه تعلم اللغة العربية ظل هكذا محمد علي حتي سيطر علي مجريات الحكم في مصر وقضي علي المماليك بداية من مذبحة القلعة وحتي فلول المماليك في جنوب البلاد بما فيهم خورشيد وحتي محمد الالفي الموالي للإنجليز الذي وافته المنية بعد دخول الإنجليز منطقة أبو قير وهنا لابد من شيء يذكر أحقاقا للحق فقد خدمت الظروف محمد علي خدمات العمر التي لا تعوض فقد تراجع رئيس كتيبة الجند الالباني لمجرد دخوله الإسكندرية مما أفسح المجال لمحمد علي لدخول مصر قائدا للكتيبة وثانيا موت محمد الالفي وعزل خورشيد وهؤلاء أواخر فلول المماليك المتنازعين علي الحكم وانحياز زعماء الشعب المصري معه كانت هذه هي أهم العوامل التي مهدت الطريق الأستاذ لمحمد علي حكم مصر…..
كانت هذه مقدمة مهمة للدخول لرواية “أفندينا” للمبدع الكاتب محسن الغمري. والذي لعبت معه الصدفة دورا كبير في محاولة معرفة قصة حياة بطل روايته المغدور “عباس حلمي الأول “كما شرح لهم مرشد الرحلة المدرسية وهم في أحدي قصور العائلة العلوية نسبة إلي محمد علي وأسرته ولأن الرواية تاريخية فلابد وأن نعرف أن محمد علي حضر إلى مصر وهو متزوج من السيدة أمينة هانم وهي سيدة ثرية وجميلة وهي من نفس بلدته ألبانيا ومن نفس مدينته قولة وله منها خمس أبناء منهم ثلاث ذكور منهم أبراهيم باشا القائد العسكري المعروف والثاني هو أحمد طوسون والد بطل الرواية عباس حلمي الحفيد والثالث أسماعيل كامل وابنتين هم توحيده ونازلي وله من زوجة أخري ولد اسمة محمد سعيد هؤلاء هم ابطال رواية أفنديا للمبدع محسن الغمري ..أسس محمد علي دولة جديرة بالاحترام وهو لاشك قائد عسكري تعلم منذ نعومة أظافرة كل الفنون العسكرية حيث كان ابوه رجل عسكري لم يترك محمد علي شيء للصدفة بل أستغل بكارة مصر في تحويلها من دولة إقليمية إلي دولة مركزية فبعد أن استقر له الحال وأخذ النهوض بكل المجالات بدأ الاعتماد عليه من قبيل الدولة العثمانية في أخماد الحركة الوهابية في بلاد الحجاز فأرسل أبنه طوسون علي رأس حملة إلي هناك مصطحبا معه بعض محظياته التي أنجبت له ولده والذي سماه “عباس ” نسبه إلي عباس مؤسس الدولة العباسية وحلمي حيث التروي والسكينة فأصبح أسمه “عباس حلمي” يحكي لنا الراوي العليم كل شيء متعلق بالمروي عنه وهو هنا شخصيه رئيسية من شخصيات الرواية وقد تمثلت هذه الشخصية المهمة في شخص صفاء الدين أبن حسين القولي أحد أبناء مدينة قولي الالباني الذي تعلم اللغة العربية وجاء إلي مصر ليحظى في ظل واليها بعمل مناسب فأصيح كاتب الديوان والملازم لعباس حلمي الأمير المغدور.. رسم الكاتب المبدع شخصيات روايته بحرفية العالم ببواطن الأمور حيث أستطاع أن يرسم لنا الصورة المنشودة من خلال وجهة نظرة وكيف كان الصراع الاميري في البيت العلوي علي أشدة بين أميرات القصر من خلال سرد الراوي لنا على لسان المؤلف الذي عاش بين الاحداث من خلال صفي الدين الشخصية الأهم في الرواية التي دمجت الحاضر بالماضي عندما عثر الكاتب بمحض الصدفة على مذكرات تاريخية أهدته قصة الوالي المغدور حفيد محمد علي من خلال صديقه السفير الذي بدوره أخذ هذه المذكرات من أحمدوف حفيد صفي الدين ..الصدفة من وجهة نظري التي لعبت دورا تاريخيا في تولي محمد علي حكم مصر هي أيضا التي لعب دورا مهم في حياة الحفيد فبعد عدة انتصارات بقيادة أحمد طوسون أبن محمد علي عاد إلي مصر قيل أنه مصاب في أحدي فتوحات الحجاز وقيل انه مات بالطاعون في أحدي مديريات الدلتا كان لمحمد علي اليد الطولي الذي أستخدمها السلطان العثماني لإخماد الحركات المناوئة له في ممتلكات دولته ما جعل محمد علي قوة لا يستهان بها بعد فتح بلاد الحجاز والشام وتأمين حدود مجرى نهر النيل في السودان فاستقل بمصر وأصيح خطرا علي الدولة العثمانية نفسها ما دعا تحالف الدول الكبرى عليه الامر الذي جعله حاكما علي مصر مدي الحياة والرشيد الراشد من عائلته من بعده أي أكبر أبنائه فصدر فرمان بتولي أبراهيم باشا الذي كان علي خلاف دائم مع عباس حلمي بتولي الحكم بعد مرض والده ووصوله إلي مرحلة التخريف مات أبراهيم باشا قبل والده فكان عباس حلمي هو الرشيد فتولي حكم البلاد وجده في قصر الدبارة محتجزا لمرضة يا الله ..لقد كان عباس حلمي يرغب في سدة الحكم تلك الشهوة المميتة التي ما أن جلس علي عرش البلاد حتي تكالب عليه ورثة التركة المنهوبة فلم تكن عائلة محمد علي مثل والدهم في العبقرية والبناء والحلم والتوسع بل أن ردهات القصور وقاعاتها بعد رحيله لم يجتمع فيها غير لحياكة المؤامرات والدسائس ضد هذا الوالي المغدور الذي لم يحب الأجانب كجده والاستفادة منهم رغم قدراته الادرية ومميزاته التنظيمية ومهارته الاقتصادية وباعتراف الجميع لقد دب الأمن والأمان وأحس الشعب بقدرات الحاكم الجديد لكن سرعان ما أعدت القاعات من جديد وأجتمع الباشوات والهوانم في ردهات القصور لدس الدسائس ولم يروا في عباس غير الرجل المنطوي في قصوره المنعزل عن الناس حتي كانت يد الغدر الاثمة وقتلوه في قصره مستغلين مرض نوبة الصرع التي تواتية رحل عباس ورحل محمد علي ورحلت العبقرية وأنتهز السلطان تلك الفرصة التي كم تمناها وجاء من يحقق له مراده
أوبرا مصر ، دراسات ومقالات