دراسات ومقالات

صورة في حدوتة

فتح الله الجمال.. ابني الروحي

بقلم حسام عبد القادر مقبل

“الحياة ذكريات جميلة وحزينة، سعيدة ومؤلمة، قد تكون مليئة بالإنجازات، أو بالإخفاقات.. وتبقى الصورة هي التي تسجل هذه الذكريات وتحتفظ لها لتصنع تاريخنا”.
فتح الله الجمال.. ابني الروحي


أثناء فترة تنظيمي للبرنامج الثقافي لمعرض الإسكندرية الدولي للكتاب على مدار سنوات، كنت أستقبل مئات الشباب الراغبين في التطوع للمساعدة في التنظيم، وكان اللقاء مع الشباب يسعدني جدا وأتعلم منهم كثيرا، ورغم أني كنت أضغط عليهم كثيرا إلا أنهم كانوا يتحملونني بحب.
وفي سنة من السنوات جاء لي شاب من طلبة إعلام جامعة بيروت- وكان وقتها يوجد فرع لجامعة بيروت داخل جامعة الإسكندرية – وقال لي أنه يعلم أني استقبل شبابا للتطوع في المعرض، فرحبت به وقولت له ينضم للشباب، ولكنه ضحك وقال لي ولكني أريدك في موضوع آخر، قال لي أنا لا أريد التطوع أنا أريد تنظيم ندوة داخل المعرض.


تعجبت من جرأته، فهو صغير في السن، وليس لديه أي خبرة، ولكني لمحت طموحا ورغبة وإرادة قوية جدا في عينيه ونظرة أمل ورجاء ألا أرفض وأن أعطيه الفرصة، فوافقت وقولت ولماذا لا يفعل، طلبت منه تصورا واضحا للندوة التي يريد تنظيمها والضيف أو الضيوف، وقد كان، وليس مهما الندوة التي نظمها لأنه نظم معي لقاءات على مدار ثلاثة معارض للكتاب وكانت كلها لقاءات ناجحة جدا وذات جماهيرية كثيفة.
فتح الله الجمال، كان نموذجا للشباب الطموح جدا، ومن أول لقاء اعتبرني “أبوه الروحي” وكان حريصا في كل مرة نلتقي حتى لو أسبوعيا أن يلتقط صورة معي وينشرها ويقول عني كلاما جميلا ودائما يردد مع الصورة “أبي الروحي”، كنت سعيدا جدا بفتح الله وتنبأت له بمستقبل كبير في مجال الإعلام، وكان يستشيرني في كل أمور حياته، وعندما التحق بالخدمة العسكرية بعد التخرج وجاء ترشيحه كضابط احتياط كان حزينا لأنه سيظل ثلاث سنوات في الخدمة العسكرية، بينما نصحته أن ينظر للأمور من الجانب الإيجابي وأنه سيخدم بلده ثلاث سنوات، وسوف يكتسب العديد من الخبرات في الحياة التي ستؤهله للعمل، وكان كل أجازة له لابد أن يأتي لي يزورني ويلتقط الصورة المعتادة معي، وحتى عندما خطب كنت أول شخص يعرف، وعندما سافرت إلى كندا كلمني وقال لي “أنا حاجيلك”، ضحكت وقولت له أنت عايز تيجي كندا عشاني مش عشان تهاجر.


وفجأة وبدون مقدمات، وفي أجازة من أجازات فتح الله توفاه الله في حادث سيارة، لتنتهي حياة أبني الروحي، الذي افتقده كثيرا ولكني متأكد أنه في مكان أفضل، ولن أنساه أبدا.

حسام عبد القادر مقبل –  صورة في حدوتة

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى