دراسات ومقالات

وليد محمد حسني يكتب رحلة مع أحزان النبي

الحلقة (٧)

انظر يا صديقي كيف يجري خائفاً مذعورا من أعلى الجبل في غار حراء إلي بيته في مكة في هذا الليل
وهنا يأتي السؤال لماذا هذه القوة والشدة في البداية ؟ لماذا لم يأت سيدنا جبريل بزيارة ودية لطيفة مع وفد من الملائكة الكرام إلي بيته مثلما حدث مع سيدنا ابراهيم وتقوم الملائكة بتبشيره بأنه أصبح نبيا مرسلا وعليه أن يفعل كذا وكذا بمنتهى الود والطمأنينة.
أو لماذا لم يحدث معه مثلما حدث مع سيدنا موسى من حوار رباني رقيق دون وسيط بدايته (وما تلك بيمينك يا موسى ) وصولاً إلي ( اذهب إلي فرعون )

هل تعرف يا صديقي أن هذا يحدث أيضا في واقع حياتنا تقول لماذا القدر كان شديد جداً معي في هذا الموقف كان من الممكن أن أفهم وتصل الرسالة بطريقة أسهل
هنا ضحك صديقي وقال وهل كانت ستصل الرسالة لو كانت بطريقة أسهل ؟!!!!
أحياناً نحتاج لبعض الضربات القوية حتى يشتدد عودنا واحيانا نحتاج إلي بعض الحزم كي نعرف أهمية وجدية ما نقوم به وأي معلم مربي يفهم هذا جيدا

ولا تنس يا صديقي أن المهمة التي تقع على عاتق خاتم الانبياء ونبي آخر الزمان ليست كأي مهمة فمهمة ما سبقوه من الأنبياء كانت تخص قوم أي بضعة آلاف لا يوجد طباع أو اختلافات كثيرة بينهم. أما مهمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم آخر الأنبياء هو مخاطبة جميع الناس كل من سكن وسيسكن الأرض حتى قيام الساعة بمختلف طباعهم وأهدافهم.

المهمة ليست سهلة فالدعوة عالمية والطريق شاق ولذلك كان لابد من هذه الشدة من أول يوم . وتأمل قوله تعالى : ( يا يحيى خذ الكتاب بقوة ) وقوله مخاطباً نبيه الكريم في أوائل ما نزل من آيات القرآن ( إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ) فهي ليست مجرد ترقية أو تشريف بمكانة أو منزلة فقط هي مهمة صعب بل من أصعب المهام التي يتكلف بها إنسان فلابد دوما من الاستشعار بأهمية وجدية وخطورة هذه المهمة وهذا أيضا نجده مستمرا طوال رسالته صلى الله عليه وسلم فالشدة لم تكن فقط في البدايات كانت أيضا في نزول الوحي المتكرر

( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل وكان احيانا يأتي في مثل صلصلة الجرس وكان أشده عليه فيلتبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد وحتى إن راحلته لتبرك به على الأرض إذا كان راكبها)

وكذلك يا صديقي نحن في واقع حياتنا قد نتعرض للكثير والكثير مما قد يبدو أنه قسوة وشدة وقوة فلا تهرب أو تيأس بل قل المهمة كبيرة وهذا إعداد لي كي اتحمل ما لا يتحمله الكثيرون .
وإن الباحث في قصص الناجحين الذين وصلوا إلي قمم النجاح تعرضوا للكثير من هذا فكان زادهم عند ثباتهم على القمة .

وليد محمد حسنى

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى