دراسات ومقالات

الكلمة الواحدة للوطن العربي

سميرة بيطام

 

إن الحديث عن الإبداع القيمي والمبدئي لشعوب ثارت ولا تزال تتغنى بأشعار الحرية والسلام عبر ربوع العالم برمته، وليس العالم العربي فقط هو سمفونية الوجود الحقيقي كما أنه دلالة على مدى يقظة هذه السلالات الشعبية بتنوع ثقافاتها وانتماءاتها ومبادئها ولكن بحرصها الشديد على سلامة الأوطان ورقيها ،ليس مجرد كلام من أجل الكلام ، إنه إقرار أن ثمة مصير مشترك ينتظر الشعوب العربية على ضفاف وديانها وبلمعان ذهبها الأسود وزرقة بحورها الساحرة، الكل منسجم والكل متفق أن المصير واحد والدم سبق وأن امتزج في حروب طاحنة كان الهدف منها هو نصرة الدول بعضها لبعض في مواقف تبقى خالدة في سجل التاريخ الذي لا يتبدد ولا يتغير بتغير المتداولين على المسؤولية أينما كان موقعهم وحيثما كانت رتبهم ومهامهم، والبداية بأن شهد يوم 30 من مارس 1958 يوم تضامن مع الجزائر في آسيا وأفريقيا ..مرورا بيوم 16 جويلية 1958 أين رفعت 24 دولة أفريقية وآسيوية ،أعضاء في الأمم المتحدة رسالة يطلبون فيها تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال الدورة 13 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ومن الحس العربي الذي كان له الصدى في تمتين أواصر الأخوة بين العرب ، إنعقاد أول مؤتمر للجنة التنسيق والتنفيذ بالقاهرة بتاريخ 21 أوت 1957، وإعلان تونس عن حالة الطوارئ على الحدود الجزائرية بتاريخ 09 سبتمبر 1957 ،وقرار الحكومة للجمهورية الجزائرية في اجتماع لها بطرابلس بتدويل القضية الجزائرية بتاريخ 01 أفريل 1960، … ثم انعقاد مؤتمر الأقطاب الافريقي بالمغرب ومن قراراته مساندة الشعب الجزائري والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية بكل الوسائل ،وانعقاد المؤتمر الإسلامي بالقدس لمناشدة الحكومات على الاعتراف بالحكومة الجزائرية ودفع نصيبها من الميزانية السنوية التي قررتها للجزائر ومطالبة الدول والشعوب الإسلامية والعربية بالمبادرة الى المقاطعة السياسية والاقتصادية ومقاطعة فرنسا في مختلف الميادين حتى الاعتراف باستقلال الجزائر ،بالإضافة الى مساهمة لبنان في كفاح الجزائر بدفع 500,000 ليرة لبنانية في ميزانية الحكومة المؤقتة.. ،والمعنى من هذه الأحداث الموجزة أن هناك مواقف سجلت نفسها لدعم القضية الجزائرية لأنها قضية عادلة.. وتسجيل هذه المواقف هو تثمين لسعي الجزائر في تقرير مصيرها بالاستقلال التام عن المستعمر الفرنسي.
ويكفينا فخرا أن القاهرة كانت حاضنة للقضية الجزائرية بامتياز في سفر أحمد بومنجل اليها لتمثيل جبهة التحرير الوطني بتاريخ 21 مارس 1961..وحتى في مقاطعة الدول العربية لبعض الاجتماعات له دلالة على وحدة الكلمة ، مثل ما حدث في 19 جانفي 1962 عند إعلان حكومات تونس والمغرب و ليبيا والمغرب والجمهورية العربية المتحدة وغانا عن مقاطعتها لندوة وزراء الخارجية الأفارقة التي تقرر انعقادها بلاغوس عاصمة نيجيريا يوم 22جانفي وذلك لعدم دعوة حكومة لاغوس للحكومة الجزائرية للمشاركة في هده الندوة..
والأحداث عديدة وطويلة ومتنوعة لا يكفي هذا المقال لسردها ،لكن الإيجازات السابقة شرحت ووضحت مدى التزام الدول العربية في الدفاع عن القضية الجزائرية وقت الاستعمار الفرنسي وبالمقابل كان من الجزائر الوقوف مع أشقائها العرب في قضاياهم، وما هو مطلوب اليوم هو إعادة بعث هذه الروح للنخوة تجاه ما يحدث اليوم في السودان وما قد يكون له الأثر على دول الجوار..
فالاعتزاز يكون بالمحافظة على نفس المواقف دون إقصاء لأسم دولة تتكلم العربية وينبض فيها دين الإسلام منهجا وتبيانا.. ونستبشر خيرا بميلاد القوة الإقليمية لشمال أفريقيا مؤخرا والتي تضم كل من الجزائر والقاهرة وليبيا والجمهورية الصحراوية ،ففي الاتحاد قوة خاصة في زمن لا يعترف الا بالقوة وحنكة القرارات السيادية ،ولو اجتمعت قوة النخوة مع قوة الايمان بالحفاظ على سلامة واستقرار الأوطان لأمكن القول أن الشعوب سائرة نحو التحرر وتسلق الريادة بثقة وموضوعية وسلاسة مسار..

 أوبرا مصر  – دراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى