Uncategorizedساحة الإبداع

دينا العزة تكتب أبجدية قلب

أبجدية الحديث أمام رجل يتقن فن المراوغة ، و مواربة النقاش لدثر بعض الحقائق ، هي أبجدية صعبة المغزى ورِدّة القول مع امرأة ساذجة ، ترى به رجل ملائكي، لا الخيانة من سماته ولا العبث بالعواطف مطمعه .
كان ملعبه أمام كل أنثى رافقها باختلاف قدراتها الروحية والفكرية والجسدية
إثارة أنوثتها بأنها الخاطفة الوحيدة له من بين أيدي الأخريات، يرخي حبال حديثه السُكريّ على أسماعها لتتسلق العاطفة عقلها وتبدأ برفع كفاءة العمى إلى أعلى مراتبه، سيطرة كاملة يجلل بها اعتقاداتها، وكأنه من عهد الرجولة المفقودة ، لكن ذكوريته ذات منسوب عالٍ ليغرقها بحيلة فتنتهِ أمام هذا السحر العالق بقلبه .
ليس إلا .. حاله كـ حال الكثير من الرجال

اليوم مطر يشتتُ المارة عن الطرقات ، نوافذ المقاهي دامعة ، أشجار لا تجففها الريح من استحمامها السنوي، مدفأة أمام تلك الطاولة في مقهى الأدباء، سطحها مليء ببعض أوراق وأقلام ، (لابتوب) شاشته مزدحمة بالملفات ، فنجان قهوة ، مزهرية بأزهار مرتجفة الذبول وفكرةٍ عالقة بمخيلة كاتبةٍ تروي بعض الملاحظات اليومية على مواقع التواصل الإجتماعي .
هو .. بالطرف المقابل يحمل رتبته العسكرية على كتفيه ، ساعة أنيقة تقطن رسغه ، معطف من الجوخ الأسود و شال متيم بعنقه، بيده كوب شاي بالنعناع ، يسلّط بصره على شرود أنثى غارقة بقصص الآخرين، يحاول جذبها برزانته، بابتسامته الهادئة، بجموح مخيلته حين صوِّر إليه لقاء شغوف بجلباب الأناقة، ربما حاول أن يحرك خيوط دميته القديمة ، منحته يوماً فرصة الإنتشاء ، غالباً كانت تشبهها هكذا راوده القول على إحساسه ، لكن: تشبه جنونها المتبختر في حدقتيها الناريتين ، غمازها المحفور بين حدائق الجوري ، فمها منتفخ كـ (المارشميلو) ، شعرها المجعد طويل القامة يلامس خصرها ، وأكثر مالفت نظرهُ سترة قرمزية ذات أزرار ذهبية أهداها لها يوماً ، و سلسال مجدول يتوسطه حجر العقيق .
أيعقل أن تكون هذه التفاصيل إشاعة فوضى ..?!
أيعقل أن تكون مصادفة بفاصل ذكرى .. ?!

فضّ فضوله و تساؤلاته بالاتجاه إلى تلك اللافتة ، الجاذبة ، الآتية من حلم بعيد
– اعتذر ، أنت فاتنة أليس كذلك ..?!!

نظرت إلى ذاك الصوت الذي بعثرها لبرهة ، لمعة عينيها مختلطة بدمعة يتيمة ، ثم ابتسامة مهتزة قد حطمت صمتها منذ سنين ، أراحت كتفيها من الإنحناء ، ضبطت إيقاع صوتها على الفور ، أخذت نفساً عميقاً ثم نظرت إليه بعد أن كنست الدهشة عن ملامحها ، قالت:
– في الأمس البعيد كنت الطفلة فاتنة ، أما اليوم فأنا نيران كاتبة رواية (عاصٍ لم يتُب)
كان عجزه أمامها حينها كسر لا يُجبر ، ربتَ على يدها ثم قال :
– كنت شقيّاً إلى حد المعصيّة ، لكن حلمي بأن أكون رجلاً يحمي الوطن هشمَ نزواتي، جمعني بخيباتي حين فرّطتُ بعقد اللولو (أنت) ، حاولتُ البحث عنك كثيراً ، ربما لأثبت لك أن النون قد أضعتها بعدك
– لطفاً .. ربما لم تنتبه لإجابتي ، في روايتي العاصي لا يتوب يا سيدي وأنا امرأة لا تغفر

لملمت مخاوفها ثم ذهبت .

دينا العزة  – الأردن

ساحة الإبداع – أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى