أخبار عاجلةدراسات ومقالات

سميرة بيطام تكتب من معركة تحرير الوعي الى معركة تثبيته

شهد العالم في السنوات الأخيرة تحولات عميقة لم تكن بالسطحية على الرغم من التحليلات المتنوعة التي سعت لأن تواكب هذه المتغيرات بنوع من الشرح المعمق والسعي الحثيث لتخفيف آثار الظواهر أو النوازل التي لم تكن موجودة من قبل ،فاحتلت صدارة الأحداث كونها فرضت مستجدات جديدة أثقلت كاهل المواطن.
وتعتبر الجزائر ومصر من الدول التي ثابرت عبر سياسة وجيهة ومتوازنة لرسم أطر الاحتواء الملائمة للرهانات الدولية وكذا المستجدات التي ظهرت بسبب تغيرات المناخ ومتطلبات الحفاظ على الأمن الغذائي والصحي وهو ما استدعى بحكوماتها لأن ترسم مخططات واستراتيجيات ربما أكثرها قصير المدى سعيا منها لتفادي التأثيرات السلبية على المستوى المعيشي، وهو ما يُفسر التشابه في تحديد الأولويات ، ومنه انطلق رواد الوعي عبر منصات التواصل الاجتماعي في مرافقة آنية هذه التحولات لدعم وتشجيع المساعي التي تُبذل في سبيل التخفيف من التأثيرات الجانبية لهذه التغيرات ، وقد كان هذه المواكبة واضحة عبر معارك الكترونية أُطلق على أهمها تسمية معركة تحرير الوعي ، نظرا لأن العقل اليوم صار مبرمجا على مفاهيم جلها لا يمت بصلة للواقع من حيث المصداقية ، في ربط وثيق مع هياكل دولتين محوريتين على الخريطة العربية وما تزخر بهما من ثروات وامكانيات تجعل منهما محطة اهتمام لباقي الدول ،فكان لزاما تحصين الإنجازات بمواكبة فكرية يقظة هي بمثابة وعي النخبة الحريصة على الوصول الى أن تكون بوصلة بكل شفافية ووضوح,.
هذا وقد سعينا كنخبة من خلال منشوراتنا لأن نجس نبض الواقع بكل مضامينه السلبية والايجابية وحاولنا توضيح ما يجب أن يكون عليه الميدان الذي هو بمثابة مؤشر التغيير على كل الأصعدة حتى ينتعش المواطن العربي بما يوفر له مستوى معيشي ملائم في ظل التهديدات التثي تحيط بالشرق الأوسط خاصة كونها شهدت بؤرة ثورات الربيع العربي في الماضي ، وسعيا منها الجماهير الويم في اختزال المطالبة بالتغيير الإيجابي لأجل ضمان مستقبل الأجيال بكل موضوعية ،تصدر مشروع مكافحة الفساد اهتمام الحكومات برؤية شاملة لمختلف القضايا خاصة الأمنية منها والتي فرضت ديناميكية عمل سريعة الوتيرة لتفادي التأثيرات الجانبية على الأمن الصحي والغذائي في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا والتي هي في اتساع مستمر على جبهات أخرى للقتال.
وعليه قمنا بالمشاركة ضمن هذا السياق التحولي العالمي بمقالاتنا محاولين في هذا الظرف بالذات تحليل هذا الواقع واستنتاج آليات التكيف الجيد لما هو قائم و لما هو قادم ولما هو مستحق للتصحيح والتحديث ، أقول التحديث عبر توضيح آاليات عمل تتوافق مع المتطلبات الراهنة وهو ما استلزم انشاء منصات رقمية، رغم كونها لم تخلو من بعض النقائص لكنها جيدة من حيث جرد المعلومة ودقة الإحصاء ،وهذا التحديث للعمل الرقمي كان نتيجة لنشر الوعي من خلال عرض مجموعة المشاكل المعرقلة لعملية النمو واقتراح الأليات الصحيحة كحلول ، خاصة أن عملية المواكبة ومحاولة التكيف الجيد بالكاد تكون نفسها على الصعيد العربي وحتى العالمي، وان كانت الدول المتطورة قد تخطت بمستوى متقدم بعض الأزمات الروتينية مثل إيجاد الحلول للبيروقراطية الإدارية وضمان الخدمة الجيدة للمواطن ،وهو مكسب مهم جدا لتوفير وحماية قيمة الوقت من الإهدار.
ان أسلوب التفاف الشعب بحكومته وبمن يدير شؤونه جعلت منه مراقبا مساهما وحكما في نفس الوقت لأنه هو المستفيد الأول والأخير من المكاسب والإنجازات وحتى الإخفاقات التي قد يكون مشاركا فيها بنسبة ما ، حتى لا نقول أن المسؤولية يتحملها المسؤولون لوحدهم أينما كانوا وحيثما بلغت درجة مسؤوليتهم التي تخول لهم اصدار التعليمات والقيام ببعض المهام ضمن الصلاحيات القانونية التي يتمتعون بها.
ناهيك عن سلسلة الأحداث وتسارع وتيرتها جعلنا نجس النبض عبر نقاط العالم ضمن سياق معركة تحرير الوعي التي تسمح للعقل العربي أن يفهم ما يحدث حوله، وكما ذكرت سابقا أن التجربة الجزائرية والمصرية تحتل صدارة الانعتاق من الأزمات المعيشية بخطى حثيثة ليست تخلو من العراقيل والصعوبات لكنها ثابتة ، حيث لم يبقى تحرير الوعي مجرد عبارة تمنح للمواطن تلك الحرية التي تسمح له بالتفاعل ضمن أطر المواطنة بما يمليه عليه الواجب الوطني فقط ، بل تخطى ذلك الى استيعاب النصيحة المغذية للعقل البشري على اختلاف مستويات التقبل والفاعلية بتوسيع دائرة تحرير الوعي من وعي وطني داخلي الى وعي افريقي وهو ما تابعه الأفارقة من أحداث وقعت في القارة السمراء ، فتسارعت التغيرات التي سمحت لمن تابعها أن يقف على أسبابها ومآلاتها.
وبالتالي ،فان التنافس الحقيقي اليوم هو تنافس على التموقع الجيد لضمان اقتصاد متوازن وخلق مناصب شغل كفيلة بمنع ارتفاع نسبة البطالة ،كما أن حالة التأهب من الجانب الصحي وضعت المنظومات الصحية في حالة استنفار مؤجل الفعالية تحسبا لأي وباء آخر ، وهو جانب له ثقله وتأثيره على الأمن الصحي وبالتالي الأمن القومي، حتى أنه صار محل اهتمام حكومات الدول من خلال السعي نحو رسم خريطة عمل تكون مضمونة النتائج في ظل هذه المستجدات، وان لزم الأمر لذلك شرح بعض نقاط التحول التدريجي للنظام العالمي بظهور أطراف قوية تكتلت وانضوت تحت ما يسمى مجموعة البريكس والتي وضعت في أجندتها بنود عمل اقتصادي يضمن تفاعلا في الاستثمار وجلب رجال الأعمال لتمثيل دولهم من أجل تبادل الخبرة الاقتصادية التي ستعطي واجهة جديدة لمجموعة هذه الدول في التنافس وترشيد نفقاتها بما يضمن أمنا غذائيا طويل المدى على اعتبار أن تعاقب الأجيال حتمية تستوجب الدراسة الدقيقة لحاجياتها المتنوعة والعديدة حتى لا نقول أن مخطط الحكومات قد فشل في هذا المجال الأساسي والاستراتيجي .
ان معركة تحرير الوعي التي خاضها رواد كُثر كل بحسب أسلوبه وخبرته ومعلوماته وثقافته سمحت لهم أن يواكبوا هذه التحولات عن قرب ليصبحوا بذلك بوصلة لمن يبحث عن المعلومة الصحيحة في زمن لم يخلو من ظهور الشائعات والفتن و النزاعات التي توسع مداها عبر نقاط مختلفة من العالم بفضل وجود أرضية الكترونية خصبة لسرعة انتشار الخبر عبر منصات التواصل الاجتماعي والشبكات الإعلامية.
كما أن معركة الوعي الافريقي تعتبر نموذجا موسعا من المواكبة على أوسع نطاق عبر حدود القارة الافريقية لباقي القارات ،على اعتبار أن افريقيا غنية بالمعادن والثروة الغازية والنفطية، ومنه كان التمازج والاختلاط بين فكرة تحرير الوعي وبين تثبيته كمرحلة تالية لتحرير العقل من الظنون والتساؤل والجهل للمعلومة، بواسطة تفعيل مجموعة القيم والثوابت التي تعتبر ركيزة أساسية في الحفاظ على درجة الوعي لدى كل واحد منا بعد عملية تحرير العقل من قيود الجهل والخوف وحتى اللمبالاة ، اذ كيف لا نذكر عنصر الملابسات وطرف الجريمة ينخر في المجتمعات بشكل سريع ومبالغ فيه من حيث نوع الفعل الاجرامي المرتكب سواء داخل الوطن أو عبر جريمة منظمة عابرة للقارات من منظور الحداثة والعصرنة ،بعد أن غزت المادة المخدرة عقول الشباب الذين استهوتهم المهلوسات ودفعت بهم نحو مستقنع الانحراف الذي بلا شك أثر على مستوى التوازن في الجبهة الداخلية ، فكان لزاما أن يتفاعل أصحاب الصفحات الفيسبوكية مع الوقائع ليتحقق الوعي بدرجة كبيرة ، ليُصب ذلك في الميدان بتفاعل ديناميكي للمقترحات النظرية ، وهو ما يشكل عنصرا مهما أمام تحرك عجلة النمو والتنمية على مختلف المستويات .
وعليه ،فان الانتقال من مرحلة تحرير الوعي الى مرحلة تثبيته تستلزم آليات جديدة تستقي مضامينها من ايماننا القوي أن التنافس اليوم هو تنافس قوة واقتصاد ومنظومة صحية ، وهذا ما يدفع بالتحول التدريجي للتنمية المستدامة من برامج قصيرة المدى الى برامج دولية طوية المدى تحسبا لنتائج الحرب وتأثيراتها على جميع الدول بما فيها القوية ،ليصبح العقل البوم أكثر يقظة لما يدور في العالم برمته، لأن التهديدات اليوم هي تهديدات أمنية، غذائية، صحية، وهو ما يستوجب العمل الجاد والصارم ووضع الخطط الكفيلة لحماية كينونة دولة بمؤسساتها وهياكلها ومواردها البشرية .

الكاتبة سميرة بيطام – الجزائر

أوبرا مصردراسات ومقالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى