ندوة عن “الريح قبل هبوبها” لتاج الدين عبدالحق
في روايته الأولى “الريح قبل هبوبها” الصادرة عن الآن ناشرون وموزعون (2023)، يرصد الكاتب تاج الدين عبدالحق بناء وتشكّل شخصية بطله المنخرط منذ شبابه في مهنة المتاعب، ويعاين أبرز المحطات في تجربته الإعلامية التي تطورت خلال مرحلة زمنية معينة وفي بيئة غير مواتية كان التطور المادي أبرز مقومات التغيير فيها.
وخلال ندوة أقيمت في رابطة الكتاب الأردنيين لمناقشة الرواية بمشاركة الكاتب جمال القيسي، قدم عبدالحق شهادة إبداعية استعرض فيها المحطات الفاصلة في تجربته المهنية والخلاصات التي انتهى إليها بعد ما يزيد من نصف قرن من العمل الإعلامي وصناعته.
وقال القيسي في مستهل الندوة التي أدارها القاص جعفر العقيلي: “لن تستطيع تلخيص هذه الرواية بحكاية صحافي عربي شاب غادر بلاده إلى الإمارات العربية المتحدة، في بدايات تشكل الدولة وفي بدايات العمل الصحافي، لتجمعه عدة مصادفات هناك، تتطور وتتشابك وتتصاعد وتدفع به إلى أن يتبوأ مكانه النفيس في الدوائر الضيقة للقرار حتى إنه صار يتنبأ بريح القرارات الحاسمة وأصبح يحس بـ(الريح قبل هبوبها)”.
وأضاف القيسي: “لازمت البطل (إبراهيم) في أغلب فصول الرواية ميزتا/ صفتا الذكاء وهبة الحظ، وهما الصفتان/ الميزتان اللتان أبقتا على توهج حضوره فاعلاً ومؤثراً، حتى إن الأفكار بترك الغربة والاستسلام الذي راود البطل تراجعَ بعد الصفحات الأولى بمحض صُدَف وهبها له الحظ ما كانت تعني شيئاً لولا ذكاء إبراهيم الذي كان يسير مع النسمة وينحني للريح العاصفة كي لا تكسر قاربه الوحيد، وكان القارب في تلك الرحلة هو الوظيفة؛ أي حبة القمح في بلاد الآخرين”.
وأوضح القيسي أن عبد الحق اعتمد في الرواية البناءَ الهرمي التقليدي/ الكلاسيكي من حيث انطلاق الرواية من الأحداث الأقدم إلى الأحدث وصولاً إلى النهاية، وأن النهاية جاءت مغلقة لا مفتوحة على التأويل والتأمل.
وأشار إلى أن الروائي استخدم تقنية “السارد العليم” المحيط بجميع مقتضيات السرد الروائي لأحداث تمتد لقرابة خمسين عاماً بسَطها على ما يقارب مئتين وأربعين صفحة تضمنت الأحوال النفسية والسياسية والاجتماعية، وواقع عالم الصحافة تحديداَ.
وفي إجابته على سؤال: “هل كانت (الريح قبل هبوبها) رواية تسجيلية؟”، قال القيسي إنها ليست كذلك؛ لأن الكاتب “خلق مساحات جديدة وعوالم موازية مختلفة عن الواقع الجامد، وإن كانت تتقاطع مع وقائع وأحداث حقيقية جرت في (مكان الرواية) وفي (الزمن العام) لها”.
ولفت القيسي إلى أن الروائي زاوج تقنية السيرة الذاتية مع تقنية السارد العليم، مما سهّل عمله الروائي، إذ استفاد من تجربته الذاتية وسيرة حياته، مضيفاً أن عبد الحق “روائي بارع”، لأنه “يكتب مئات الحيوات بكل ما فيها من صراع على القيم الكبرى المتمثلة بالحق والخير والجمال وأسئلة الوجود”.
وفي شهادته الإبداعية، قال عبد الحق الذي صدر سابقاً كتابان هما “أعلام وإعلام” وللخلف در.. بين الدّين والسّياسة”، إن كتابة الرواية تجربة مغايرة، وتحمل في طياتها شكلاً فنياً جديداً ومغامرة كبيرة.
وأوضح عبد الحق أن عمله الروائي يتناول نماذج من الصحفيين العرب وخلفياتهم الفكرية والسياسية، ويعرّف القارئ بصراعاتهم الفكرية والسياسية مع محيطهم، ويقدم لمحات من الحياة في أبوظبي؛ إذ قضى المؤلف نصف قرن فيها وتابع من خلال معايشته لتطوّرها كيف قرّرت النهوض والانطلاق إلى مستقبلها الذي نعرفه ونراه اليوم مجسّداً وملموساً في أكثر من مظهر من مظاهر التطوّر في الجانبين المادي والمعنوي.
يذكر أن تاج الدّين عبد الحق حصل على عدّة جوائز، منها: جائزة تقدير من جمعيّة الصّحفيين بدولة الإمارات للخدمة الطّويلة، وجائزة الفيلم الوثائقيّ لـ”إرم نيوز” في مهرجان الأردن للإعلام العربي.