أخبار عاجلةساحة الإبداع

محمد أبو زيد التجاني يكتب سعادة تيك أواي

” كنا أطفالًا لا نعرف ماهية بعض الأشياء وأسماءها، كنا سعداء جدًّا، نفرح بأبسط التفاصيل، ولا نعلم ذلك الشعور الذي يُسمى “سعادة”، كبرنا وعرفنا الأسماء وانشغلنا بالبحث عن المصطلح.
“المصطلح سجن أبعاده محدودة، هناك أشياء علينا أن نحتفظ برحابة نورها في روحنا كما هي، لا ينبغي لكل الأسماء أن تُعرف أو يكون لها بُعد محدود يسجنها في عبارة مهما بلغ التعريف لن يساع كلمة مثل السعادة، الحب، الخير الجمال، الأمومة، الأبوة، جبر الخواطر أو يدلل على أسبابها -إذ أن كل قيمة جميلة في أصلها من مشكاة إلهية؛ يقول الله تعالى في سورة النور: { اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم}- [ النور: 35].

فإذا أخذنا كلمة “السعادة” نموذجًا ووضعنا لها تعريفًا.. سنرى أنها كلمة واسعة، كل منّا يراها بعين قلبه، هناك مَن يضعها في إطار مادي، أي أنَّ كلها أسباب مادية مثل؛ المال، الجنس، القراءة رغم أن كل هذه المُسبّبَّات، وقتية، تزول بزوال السبب، وهناك من يحددها بأسباب معنوية، كأن يسعده وجود إنسان يحبه مهما كانت صورة حبه ذلك، أو كلمة تشجيع وجبر، فهي أيضًا أسباب وقتية، بمجرد أن يدخل إليها شعور آخر أو موقف مفاجئ بأن يغادر الدنيا صاحب الحضور المحبب له.. فتتغيِر المعادلة بداخلك.
مسببات السعادة كثيرة.. فإذا حصرنا مفهوم السعادة في إحداها فقد حاصرنها في مفهوم مؤقت يزول بزوال السبب، لا أقلل من قيمة هذه المُسببات، لكن ارفض حصار السعادة فيها، السعادة قيمة أعظم من نقيضها في بضع كلمات أو مفهوم مذهب فلسفي، هي قيمة نورانية تَمسّ الروح والقلب، وكل ما هو نور من الله، إذ السعادة تُستمد من الله، فلن يقدر أحد أن يسعدك ويشبعك بقدر ما تريد إلا هوُّ سبحانه، فما جبر خاطرك أحد إلا به، وما أحبك أحد إلا به، وما أخذه منك إلا خير لك، فما من المحبوب محبوب، وكل جميل من الجميل “إن الله جميل يحب الجمال” فما رأيت من جمال إلا أن الله أرادك أن تراه حبًا وإسعادًا لك، فكلما اقترنت سعادتك بأن كل ما هو من الجميل جميل، سترى العالم جميل، وما كان من الله سعادة؛ تسعد به لأنه من حبيبك، وكل شيء تستمده من الله باقي ببقاء الله (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى). {سورة | الضحى} .

ساحة الإبداع – أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى