أخبار عاجلةاقتصاد وبنوك

أ.د منال خيري تكتب ضبط الانفاق الحكومى وقرض صندوق النقد الدولى

تقف مصر على أعتاب فصل جديد في تاريخها الاقتصادي، فوسط تحديات اقتصادية غير مسبوقة تمر بها البلاد، جاءت صفقة “رأس الحكمة” مع الإمارات، وما تبعها من إجراءات جريئة من رفع معدلات الفائدة 6% وتعويم سعر صرف العملة، لتمثل أكثر من مجرد تحولات اقتصادية، بل تعكس التزاماً بإعادة هيكلة أشمل للاقتصاد المصري.
وقعت مصر، نهاية فبراير 2024، صفقة استثمار عقاري، استحوذت بموجبها شركة “القابضة” (ADQ) على حقوق تطوير مشروع “رأس الحكمة” مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، بجانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار في مشاريع رئيسية بكافة أنحاء البلاد.
سمح البنك المركزي المصري بتخفيض سعر صرف الجنيه لأول مرة منذ أكثر من 14 شهراً مقابل الدولار الأميركي، عقب الخطوة المفاجئة برفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس يوم الأربعاء الماضي في اجتماع استثنائي.
ويعد التراجع القياسي لسعر العملة المحلية في مصر، الأحدث منذ يناير 2023، وكان “المركزي” سمح بتخفيض قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ أوائل عام 2022، مما أدى إلى خسارة نصف قيمته مقابل الدولار.
سيكون كبح التضخم على رأس الأولويات في الفترة المقبلة، خاصة وأن بيانات فبراير، وهو الشهر السابق لقراري خفض الجنيه ورفع الفائدة، أظهرت ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 35.7% على أساس سنوي، وذلك للمرة الأولى منذ 4 أشهر، وبأعلى من التوقعات.
تترقب مصر الحصول على نحو 5 إلى 6 مليارات دولار (246 إلى 296 مليار جنيه مصري)، كتمويلات من الاتحاد الأوروبي خلال الفترة القليلة المقبلة، بحسب تصريحات وزير المالية كذلك ترقب الحصول على 3 مليارات دولار جديدة من البنك الدولي، ضمن حزمة إجمالية بقيمة 20 مليار دولار من عدّة شركاء دوليين.
تفاقم عجز الميزانية
تفاقم العجز الكلي لميزانية مصر خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة المالية الحالية إلى 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية فبراير الماضي، مقابل 5% قبل عام، وأِشار وزير المالية إلى أن الفائض الأولي بلغ 193 مليار جنيه خلال الفترة نفسها، مقابل 41.8 مليار جنيه قبل عام، الفائض الأولي هو الفرق بين إيرادات ومصروفات الدولة دون احتساب خدمة الدين.
بلغ عجز ميزانية مصر في السنة المالية السابقة 2022-2023 نحو 6%. ويتوقع أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان أن يزيد العجز الكلي لأكثر من 7% للسنة المالية الحالية.
وقد وافق صندوق النقد الدولي، الأربعاء 6 مارس 2024، على زيادة قيمة قرض مصر إلى 8 مليارات دولار، من ثلاثة مليارات دولار، كان قد تم الاتفاق عليها في ديسمبر 2022.
وقال رئيس مجلس الوزراء، إن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.
كذلك فإن الحكومة المصرية تستهدف ألا يتجاوز سقف الاستثمارات العامة تريليون جنيه مصري (20.2 مليار دولار) في السنة المالية 2024-2025. ، وذلك من أجل ترشيد الإنفاق العام وخفض عجز الموازنة العامة للدولة
وقال وزير المالية المصري إن مصر تستهدف تحقيق فائض أولي 3.5 بالمئة في السنة المالية المقبل، وخفض الدين إلى أقل من 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ونبه صندوق النقد الدولي، الأربعاء السادس من مارس ، إلى أن مصر اتخذت خطوات حاسمة للتحرك صوب سعر صرف مرن وموثوق بدأ بتوحيد سعر الصرف بين السوقين الرسمية والموازية ما يساهم في زيادة توافر النقد الأجنبي والقضاء على التراكم الحالي للطلبات غير الملباة للعملة الصعبة.
وأضافت بعثة الصندوق في بيان صحافي، أن السلطات المصرية أظهرت “التزاماً قوياً بالتحرك بسرعة بشأن جميع الجوانب الحاسمة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي” الذي يدعمه الصندوق.
وذكر الصندوق أن الجانبين توافقا على أن نظام سعر الصرف المرن يساعد مصر على إدارة الصدمات الخارجية، ويدعم قرار السلطات بالتحرك نحو نظام كامل لاستهداف التضخم بمرور الوقت.
وقال الصندوق إن المحادثات مع السلطات المصرية تمحورت أيضاً حول ضرورة اتخاذ إجراء إضافي لتشديد السياسة النقدية لخفض معدلات التضخم، وعكس الاتجاه للدولرة الذي ظهر مؤخراً، مشيداً بقرار البنك المركزي المصري سعر الفائدة 600 نقطة أساس بعد رفعها 200 نقطة أساس شهر فبراير الماضي.
كما ناقش الجانبان، وفق البيان، ضبط الأوضاع المالية لاستدامة القدرة على تحمل الديون.
وأشار البيان إلى أن الحكومة وافقت على استمرار إجراءات الضبط المالي على المدى المتوسط، وتكثيف الجهود لحشد إيرادات محلية إضافية، بما في ذلك من خلال ترشيد الإعفاءات الضريبية، وتوجيه جزء كبير من عائدات التخارج من الأصول إلى خفض الديون.
وأضاف أن المناقشات تطرقت أيضاً إلى وضع إطار جديد لتقليص الإنفاق على البنية التحتية بما في ذلك المشاريع التي تتم خارج نطاق الرقابة المنتظمة على الميزانية، موضحاً أن الحكومة المصرية أشارت إلى أنها ستحد من المبلغ الإجمالي للاستثمارات العامة من جميع المصادر.
وأوضح أن مصر وافقت أيضاً على ضرورة توفير مستويات كافية من الإنفاق الاجتماعي لحماية الفئات الضعيفة، مشيراً إلى الإعلان في الآونة الأخيرة عن حزمة حماية اجتماعية إضافية بقيمة 180 مليار جنيه للسنة المالية 2024 – 2025.
كما شملت المناقشات أهمية تطبيق سياسة ملكية الدولة والإصلاحات الرامية إلى تكافؤ الفرص كركيزة أساسية لنمو القطاع الخاص.
وأشار البيان في هذا السياق إلى الإصلاحات الأخيرة وقوانين المجلس الأعلى للاستثمار التي ألغت المعاملة الضريبية التفضيلية، والإعفاءات للشركات المملوكة للدولة كخطوة في الاتجاه الصحيح، مضيفاً أن تسارع وتيرة الاستثمارات الأجنبية المباشرة وبرامج التخارج من الاستثمارات منذ منتصف العام الماضي تطور إيجابي من شأنه أن يساهم في تحسين ثقة الأسواق والمستثمرين.
وقال الصندوق إن شركاء مصر الدوليين و الإقليميين سيلعبون دوراً مهماً في تسهيل تنفيذ سياسات الدولة وإصلاحاتها، مشيراً إلى أن صفقة “رأس الحكمة” الاستثمارية بالتعاون مع الإمارات ستخفف من ضغوط التمويل على المدى القريب.

المصادر
https://www.asharqbusiness.com/article/61472/%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D8%B9%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D8%B5%D9%84-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%82%D8%A9/
https://www.skynewsarabia.com/business/1697996-%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D9%82%D8%B1%D8%B6-%D9%85%D8%B5%D8%B1-8-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1#:~:text=%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%20%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B9%20%D9%82%D8%B1%D8%B6%20%D9%85%D8%B5%D8%B1%20%D8%A5%D9%84%D9%89%208%20%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1
https://asharq.com/reports/82012/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%84-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%B9-%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%B6-%D8%A8-8-%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1/

أ.د/ منال محمود خيري

أستاذ مناهج الاقتصاد – جامعة حلوان

ورئيس لجنة التعليم بحزب حماة الوطن.

اقتصاد وبنوك – أوبرا مصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى