أخبار عاجلةدراسات ومقالات

مصطفى لطيف عارف يكتب العتبات النصية في المجموعة الشعرية (تراتيل سومرية)

يعد العنوان الركيزة الأساسية لمعرفة النص والدلالة عليه , ومثلما نسمي الأشخاص فان العنوان يعني الاسم للكتاب ,فالعنوان للكتاب كالاسم للشيء , به يعرف وبفضله يتداول , يشار به إليه ويدل به  عليه,وبما يحمله من قصدية فاعلة لكشف الباطن بفعل أرادة ملزمة للبداية وإحراج المعنى ,لذا فان العنوان يكون صلة قائمة بين مقاصد المرسل وتجلياتها الدلالية في العمل,إن علاقة العمل بالعنوان علاقة فاعلية تتكئ على منطق الضبط , تلك العلاقة أنما نكتشفها من الترابط بين المرسل بمراسلته ( العمل + العنوان ) فهو فاعل هذا , وفاعل ذاك  ,ونحن نعد العنوان خطابا سيميائيا فكريا , يحمل مقاصد شتى , لان الاتجاه المرسوم للفاعلية المستحضرة يعتمد على قصدية المرسل , فالعنوان خطاب يعرف من خلال العمل الذي يتوجه به إلى المتلقي ,ذلك ممكن من خلال سياق الفعل الإبداعي , وقد تضيع على المتلقي آليات التعامل مع العمل إذا ما توهم فضاءات أخرى من العلامات لا يمكن أن تكون فاعلة,بل أن هناك ترابطا وتزامنا جدليين بين العنوان والنص في علاقة المحايثة , والعنوان مفتاح الشفرة والخطاب كما يراه الدوخي في تخطيط النص , وعنوان المجموعة الشعرية  (تراتيل سومرية ) يشتمل على علامات سيميائية متعددة تفضي إلى دلالات خارجية تكشف عنها بنيتها السطحية التي تحيل على البنيات العميقة التي تتمثل بالعالم الدلالي التي  تحيل عليها المبدعة( آلاء الطائي  ), ويكشف النص عن فضائيين دلاليين مهمين أولهما يحيل على الفضاء الزماني , (تراتيل ) , والآخر يحيل على الفضاء المكاني ,(سومرية )  , وبين الفضاء الأول , والثاني يعلو  اسم ديوان قصائد نثر , ليربط بين العالمين ربطا مبهما , ومن هنا يبدأ الفضول يتسلل إلى المتلقي  الذي تركه  قد فعل فعله في المتلقي , إذ أحاله على كل جنس فضاء زماني متسع الآفاق , يحيل على النصوص المقدسة التي أطلقت عليها آلاء تراتيل

وعنوان المجموعة الشعرية ( تراتيل سومرية ) عنوان يقع ضمن ما يعرف بالسهل الممتنع إذا ما قراناه قراءة سطحية عابرة تكتفي بالنظر إليه نظرة جانبية , على أن النظرة المحايثة العميقة ربما تكشف لنا عما دفنته  فيه المبدعة  آلاء الطائي  من أشارات, وعلامات دالة 0 إما  اللوحة – بنوعيها لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية- هي الإيقونة الأبرز في أولى العتبات , فهي علامة دالة تستقبل ضمن انساق تتفاعل فيها اللغة , واللون , والحركة  والقصد العام لهذه العلامة , أي اللوحة ,وتمثل هذه العتبة الإيقونة الأولى, والأكثر وضوحا في شريط العلامات السيميائية التي يتشكل من مجموعها , أي مجموع إيقونات هذا الشريط , معرض النص, فاللوحة تمثيل للمكتوب ونقل له إلى صورة / لوحة , وهذه الصورة / اللوحة هي اجتهاد مستمر لاختزال مقول النص الذي تتبناه هذه اللوحة سواء أكانت لوحة غلاف لعمل كامل , أم لوحة داخلية لنص محدد , فاللوحة الداخلية تمثل فعلا مساعد يستمد مقاصده من الفعل الرئيس – لوحة الغلاف – ويجتهد من اجل فتح مديات أوسع أمام المحفل النصي وفي ضوء هذا الوصف نجد أننا أمام تقسيم بائن لهذه العتبة , يتوزع على نوعين ثابتين وقارَين للوحة في العمل هما : لوحة الغلاف , واللوحة الداخلية , وهذا التقسيم يبين أن لهذه العتبة سلطة استقصائية  للمعنى الأدبي منطلقة وراءه بدء من الغلاف , الذي تتمركز فيه لوحة الغلاف , مرورا بحيثيات المتن الأدبي الذي تقدمه – داخليا – اللوحة الداخلية , وصولا إلى المعنى الدال والمراد منها – أي من اللوحة- تمثيله ونقله مبصورا إلى المتلقي, وعتبة لوحة الغلاف هي الشكل الخارجي الأكبر لهذه العتبة / اللوحة , إذ تبين – داخل متنها – أشكالا صغرى لتكون بذلك شبكة سيميائية تستطيع الإحاطة – تمثيلا- بالمنجز الذي تغلفه ,ففي المجموعة الشعرية  (تراتيل سومرية  ) للمبدعة آلاء الطائي   والتي كانت لوحة غلافها من رسمها , تتشكل من ثلاثة ألوان متسلطة وحاكمة على المرئي من هذه اللوحة وهي, الأصفر , والرصاصي , والقهواي   : لقد تمكن  اللون القهواي من تغطية ثلث مساحة اللوحة تقريبا , وفي هذا تجهيز وذخيرة لتنفيذ التنبيه الذي انذر به العنوان , وهنا تكمن حساسية التوصيف اللوني  , وأعلن ضمنيا بالتجاور مع الألوان الأخرى واللون الأصفر   قد توزع على مكانين من اللوحة في الأسفل  مع اللوحة المرسومة من قبل الفنانة(أيمان محمود محمد ),

وفي الأعلى لكي يشارك في النقل / الأخذ إلى حدود عنوان المجموعة الشعرية  , ففي المكان الأعلى  الذي يعلو الشريط الجوزي  في أرضية اللوحة نرى الأصفر حاضرا بكامل قواه اللونية ليتواصل بذلك مع دلالة الحياة السومرية  التي قدمها هذا الشريط وبذلك يكون الأصفر علامة للبؤس ,إما الأبيض  فقد ظهر بدالة واحدة في اللوحة على شكل مربع وفي ذلك دلالة بارزة على التعاضد الدلالي الذي قدمته اللوحة و الممثل لعنوان اللوحة , ليشير بتماهيه هذا أن له معنى آخر وهذا ما نلحظه في وصوله للمكان الأسفل  الذي جاء على شكل كلمة كبيرة في أعلى المجموعة الشعرية  , وقد خط اسم الأديبة العراقية آلاء الطائي   باللون الأبيض   ليؤكد أن هذا الاسم ينتمي إلى الشريط الجوزي في أرضية اللوحة , لذا كتب الاسم في حدود اللوحة ضمن الشكل المربع   ليكون تعبيرا تشكيليا لما أراده العنوان , أي انه اخذ هذا الاسم إلى حدود الوطن الجريح0 والتحديد الأوسع لعتبة الإهداء أنها تقدير من الأدبية  للآخر وهذا التقدير ينطوي على اعتبارات كثيرة منها ما هو واقعي / عاطفي , فنراها تقول : ( وطني كلما ربتني الأوطان , عصاي التي اتكئ عليها إذا انكسرت حزنا , همزة الوصل بيني وبيني, ملاذي الآمن , إليك يا أثمن الدعوات وقد استجابها ربي  آلاء الطائي ) وهذا الإهداء يفيدنا في تكهن ما عليه النص من تمجيد واعتزاز , وما إلى ذلك , ومنها ما هو توصيفي / فني يستهدف القارئ بشكل أكثر تعقيدا ويقدم له أدوات تساعده في مشغله القرائي في استكشاف النص واستبيان إبعاده , والإهداء المخصوص الذي يعين مهدى إليه ويختص به دون أن ينفتح من خلاله على الآخر , وهذا الإهداء موجود بصنعة ودراية في المجموعة الشعرية   ( تراتيل سومرية ) للأديبة العراقية آلاء الطائي  فنراها تقول :إلى  استأذنا الكبير الأستاذ الدكتور مصطفى العارف  هي ترتيله تهدي أبهى طقوسها إلى شخصكم الكريم  0

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى