ملخص كتاب في أدب الرسائل ” رسائل ذاك الغريب العاشق”
كتب أوبرا مصر
لـــ الروائي والكاتب الفلسطيني: سعيد أبو غــــزة
عضو الاتحاد الفلسطيني للكًتاب والأدباء الفلسطينيين
عن دار بدائل للنشر والتوزيع بالقاهرة صدرَ كتاب رسائل أدبية للروائي الفلسطيني/ سعيد أبو غــــزة.
رسائل أدبية بين العاشق الغريب الذي يقطن مدينة غزة ومحبوبته التي تقطن القاهرة، رسائل تحارب الموت بالعشق الذي لا يُهزم، الرسائل مقسمة لمرحلتي، مرحلة رسائل العاشق “الغريب” لحبيبته “وصال” في السلم قبل بداية الحرب المجنونة على غزة وتتكون من تسع وعشرون رسالة عشق مجنونة، وكان يُرسل لها من غزة أو أي مكان يتواجد فيه حيث تواجدها بالقاهرة، والمرحلة الثانية رسائل العشق التي كان يُرسلها لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الحرب الفاشية المستمرة حدّ اللحظة ضد غزة وتتكون من ثلاث وعشرون رسالة حُب تقاوم الموت، هذا الغريب الذي كان يقاوم قسوة الحياة بالعشق والآن يُقاوم بشاعة الموت بالرسائل التي تُضيء صدره المضطرب، هكذا تتساوى حياة الفلسطيني بين الحياة والموت، حالة عشق لا تنتهي.
“عزيزتي وصال:
اكتب اليكِ من ثنايا الليل الحالك الذي حال شوقك بيني وبين أن أرضخ لأوامره القاهرة بأن أُغمض عيني دون مشاهدة صورتكِ البهية، اتقلب على فراش الهيام كحبةِ قهوة تتقافز فوق مقلاة شديدة الحرارة، تنشد الانعتاق حتى لو طُحنت لتنجو من وجع الشوق لتعانق حبة الهيل الندية، لترتشفها وصال بشفتيها الوردية، تلك الشفتان الرقيقتان الممزوجتان برائحة الياسمين الشامي”
تمرد أبو غــزة على كلاسيكية الخوف وواقعية الموت المعتادة في مُدن وطرقات غزة التي تشهد الإبادة الجماعية منذ عام، طرق بشغاف الروح العاشقة سماوات الحُب والحدود الشائكة الملعونة، استدعى روحه العاشقة المجنونة لحبيبته “وصال” التي تقطن مدينة القاهرة فحالت الحرب بين لقاؤهما، هي تلتحف الوحدة مقرفصة أمام شاشات التلفاز تتابع الاخبار وهو يهرول هرباً من الموت تارة وتارة أخرى بين انتشال الاشلاء من تحت المنازل المهدومة أو تشييع العشرات من الشهداء. رسائل عشق مجنونة تمتلك خيالات عاشق وسيعة وذهن حالم يستدعي جنون العشق بكل جنونه وتحولاته الرومانسية وسط رائحة الدماء التي تزكم الأنوف، استحضر ذاك الغريب روح حبيبته “وصال” التي تملكته وكأنها جنيّة عاشقة تجتاز الحدود بلا معابر ولا جواز سفر! استحضرها ليقاوم الموت الزاحف لصدره ليقاوم كل مخاوفه بذاك العشق المجنون الذي يأخذه إلا هُناك حيث القاهرة التي تحتضن حبيبته.
” حبيبتي وصال:
استفقتُ هذا الصباح ولذّة أنفاسكِ تُحاصرني، تُبعثر بقايا ثبات روحي الخارجة للتو من ليلٍ بهيم لا يرحم أنين العشاق، ولا أحلام الأطفال، ولا وجع النساء، ولا عصافير الغناء الرحيب؟
لقد طال أمد الحرب التي تزيد البِعاد بيننا رغم أن بين قلبي وقلبكِ شبراً من الود رغم طول المسافات وعلُو الحدود المصطنعة اللعينة، البِعاد مُرَّ يا سُكر القلب، البرد قارس ليلاً وبُعدكِ يزيد قلبي ارتعاش ويهزم حرارة الصدر ويُجمّد نبضه، الشتاء لا يرحم يا حبيبتي والبُعد لا دين له”
الروائي منذ زمن كان مولعًا ومتحفزاً لكتابة رسائل لحبيبته البهية “وصال ” في القاهرة، كان قد كتب لها مجموعة من الرسائل قبل الحرب البشعة ضد غــــزة، فقد أستولى العشق على قلبه و أستشعر أنه لن يحيا بدونها رغم مشقة الطريق فكتب لها رسائل عشق مجنونة، بدأ بكتابة رسائل عشق لا تتحدث عنه فقط بل تتحدث عن كل العشاق تُلامس شغاف أرواحهم الهائمة في مدارات لا متناهية من اللذة و الشقاء، هي رسائل لا تنتهي بموت كاتبها ولا بلقاء قلوب عُشاقها، هي بارقة نور كل القلوب الشغوفة بالنقاء والصفاء والحُب الذي يُذيب الحدود والمعابر والستائر السوداء الظلامية. بدأ الروائي “أبو غــزة” كتابة رسائل أخرى في زمن الحرب على غزة بعدما اشتد القصف وقرب الموت أكثر من كل المدن، الخوف يزحف الطوفان الهادر نحو روحه التواقة للحب والحياة، جابه الموت البليد والخوف الزاحف بالحب العظيم الذي يحمله في روحه لحبيبته “وصال” التي تبكي بجنون في القاهرة خوفاً على حبيبها الفلسطيني الذي يجابه الموت بقلبه العاشق. كتب رسائل حُب وعشق تحت القصف لتحيا رسائله كالنُّور مبددة ستائر الظلام التي تحجب دفء الشمس عن صدور العُشاق، يتمنى الكاتب أن تتلقفها الأنظار الشَرِقّة لِلقاء العشاق بعد انفكاك الظلام، كُتبت رسائل ذاك الغريب العاشق بمداد الشوق لحضن الحبيبة ليرسم مدىٰ الحنين الذي يدثره من صوت الصواريخ العملاقة التي تقتل كل معاني الحياة في مدينته و تحرق أجساد الاطفال الحالمين بالحلوى والرقص على أغاني الأحلام السعيدة، حاول الكاتب “أبو غــزة” رسم رسائل محملة بالصِّدق الذي يتدلى من كلِّ حرفٍ وكلمةٍ لتلامس الأرواح العاشقة التي تحارب الموت بالحُبِ.
“حبيبتي وصال: أُمن أن هذه الحرب المجنونة ستنتهي يوماً ما وسنلتقي حينها سأكتفي بكِ سكناً أمناً ولن أكتفي منكِ، سأقاوم الموت في مدينتي وسأبقى أنثر جُذاذات الحُب، وأستودعكِ الله كل وقتٍ لأنجو أنا بكِ من الموت، لن أتوقف في حديثي الدائم مع الله عنكِ وعن لقائنا القادم المرتقب، سألتقيكِ كل لحظةٍ رغم البِعاد والمسافات سألتقيكِ في صلواتي وأدعيتي وزيارتي للجرحى وتأبين الشهداء دون أن أبرحكِ في حديثي مع الله إلا وأنتِ محوره الأساسي!”
لماذا القاهرة؟
يؤمن الروائي “أبو غــــزة” بأن القاهرة عاصمة الحُب الأولى لقلبه وأنها قِبلة العقل العربي، وأنها هي القلب والرئة الثانية لفلسطين، وأنها امتداد عربي وقومي وروحي وعاطفي، ارتباط الكاتب الوثيق بالقاهرة يجعله مؤمناً أيماناً بليغ أنها من تستطيع تطبيب جراح غزة والعمل على انهاء معاناتها السياسية والإنسانية لما للقاهرة من قوة مركزية اقليمياً وعربياً.
الحبيبة الافتراضية الموجودة بالقاهرة تمثل الصديقة، وصديقة الروح، أهل مصر، شوارع القاهرة، نهر النيل، حبيبة تنطبق على كل جمال مادي وغير مادي في مصر الحبيبة.
كما يؤكد دوماً الروائي أبو غــزة بأن أي عمل أدبي ناجح يجب أن يولد في قاهرة المعز، فالقاهرة المكان الأمثل لتسويق الأفكار الأدبية من خلال جمهور مثقفيها وقراءها الكبير جدا.
ويذكر أن هذا المولد يعتبر المولود الأدبي العاشر للروائي أبو غــزة، حيث صدر له عن نفس الدار “دار بدائل للنشر والتوزيع” في مارس الماضي كتاب قصص “الحب والخوف، يوميات الحرب على غـزة.
ومن جهة أخرى فالقاهرة من وجهة نظر الكاتب هي المنبر الأكبر للحديث عن وجع غزة خلال الحرب عبر رسائل رومانسية بين العاشق والمعشوق تحاكي الوجع والحب والاشتياق والموت، ثنائيات وثيمات موجهة للعالم باسره لمعرفة الرواية الفلسطينية الحقيقة الحاصلة في غزة، ويقول الروائي أبو غــزة أن معرض القاهرة للكتاب الدولي هي فرصة عظيمة للتضامن مع كتابات أدباء أهل غزة الذين يواجهون الموت بلا رحمة وينشدون الحرية والحب.