أخبار عاجلةالرئيسيةالمرأة والطفل

قصة من الأدب الروسي للطفل حكاية مع السحاب

ليونيد تيشكوف ترجمة د. سامية توفيق

ليونيد تيشكوف ترجمة د. سامية توفيق

كان هناك صبي يُحب تسلق الجبال ومشاهدة السحب. جلس على قمة جبل وأخذ يتأمل السحب المتطايرة ويحلم: – ليتني أطير عاليًا مثلهم بسهولة ويسر وفي أنحاء مختلفة.

وبعد، أخذ يأكل السندوتش، الذي أعطته له الجدة ويشرب اللبن، ثم أخذ يتجول عبر التلال والوديان ويستلقي على العشب الدافي حتى المساء، وهو معجب بالسحب. ينظر ويقول في نفسه:
– ها هي سحابة تُشبه البقرة، وأخرى تشبه القبعة، وهذه تشبه خروفًا أبيضًا. أماهذه فتُشبه بطانية محشوة، ليتها تُغطيني، وها قد أصبح الجو باردًا. الشمس قد إختبأت خلف الجبال، وقد حان الوقت للذهاب إلى المنزل إلى جدتي.
وصل الصبي جريًا إلى المنزل، وطلب، بتوسل، من جدته أن تنسج له وشاحًا، لأنه ممكن أن يظل متجولًا بين الجبال حتي الساعات المتأخرة من الليل دون أن يتجمد من البرودة. لكن الجدة أشارت له إلى كرة صغيرة من الصوف الأبيض موضوعة على عجلة غزل قائلة:
– لم يتبق سوى القليل، وهذا لا يكفي حتى لنسج قفازًا واحدًا. ولو كان عندي غزْل لكنت غزلت لك ليس فقط وشاحًا، بل أيضًا سترة، حتى لا تتجمد من البرد، وأنت عاليًا في الجبال.
وفي صباح اليوم التالي أخذ الصبي مغزل الجدة وصعد على قمة أعلى جبل. هناك أمسك بمؤخرة سحابة منخفضة عائمة تُشبه خروفًا أشعثًا، ولوى ذيلها على المغزل. بعد ذلك بمهارة غزل الصوف الأبيض المسحوب من السحابة، ولفه في خيط.
أخذت السحابة تتضائل وتتضائل بالتدريج حتى إختفت تمامًا، وهى تتحول إلى خيوط طويلة رفيعة. أخذ الصبي طرف هذا الخيط، وبدأ يلفه على شكل كرة، وصارت أمامه خصلة كبيرة من الصوف السحابي، حملها إلى المنزل وأعطاها لجدته، طالبًا منها أن تنسج له وشاحًا وسترة.
تعجبت الجدة قائلة:
– ويحي، يالها من خيوط صوفية بيضاء خفيفة! لم أمسك بيدي مثل هذه الخيوط الساحرة في حياتي من قبل.
وبعد عدة أيام ظهر للصبي وشاحًا وسترة بيضاء رائعين، وأيضًا زوج من القفازات. إرتدى الصبي الملابس الجديدة وهرول إلى أعلى قمة للجبل، والتي تعلو فوقها السحب، وتهب عليها الرياح، وحتى في بعض الأحيان يتساقط المطر، ويكون الجو فيها باردًا. لكن الصبي لم ينزعج: فهو يرتدي الملابس الدافئة.
وقف الصبي على صخرة ضخمة في أعلى الجبل، وفرد ذراعيه وهو مرتديًا الوشاح والسترة الجديدين الدافئين وصرخ بصوت عال:
– أيتها السحب المحببة لدي، أحييكم أصدقائي. كيف حالكم؟ أنا الآن لا أشعر بالبرد، هيا نتعانق.
أحاطت السحب بالصبي، وأخذت تهبط، وكما بدى له. ووجد الصبي نفسه يطير في السماء، لأنه مرتديًا سترة سحابة ووشاحًا هوائيًا وقفازات مجنحة.
إرتفع أعلى وأعلى. وأسفل شاهد النهر السريع المتعرج والمنزل الصغير المصنوع من أحجار النهر، والذي يعيش فيه مع جدته.
هكذا طار الصبي طوال اليوم، وفقط عند حلول المساء رجع إلى المنزل. وهناك خلع السترة ووضعها على ظهر الكرسي، والوشاح علقه على الشماعة القريبة من المدفأة. وعندما إستيقظ وجد ملابسه جميعها على سقف الحجرة. وما كان عليه إلا أن ينط ليلتقط الوشاح، ويقف على
الكرسي لسحب السترة، أما القفازان فإلتقطهما بمصيدة الفراشات.
عاود الصبي الطيران مرة أخرى مع السُحب. عرفوه وضموه إلى مجموعتهم. كان الصبي يلف ويدور، ويؤدي جميع أنواع الأشكال في السماء، مثل الطائرة الحقيفية. وبعد، صاح في السحب: – أيتها السُحب، أيتها السُحب، هيا طيروا بعيدًا، بعيدًا، عاليًا، عاليًا.
لكنهم أجابوا، إذا ما طارت جميع السُحب، فإنه سوف لا يوجد لها ظلا، ولا طراوة، وسوف لا يسقط المطر، وتجف الأشجار، والأرض، ويهلك جميع من عليها من شدة حرارة أشعة الشمس.
وهنا إشتكى السحاب للصبي:
– هل تعلم أن الجو على الأرض أصبح حارًا بسبب إختفاء سحابة ركامية، ولا يوجد من يحل محلها.
هبط الصبي على قمة جبل عالية، وجلس على العشب وأخذ يفكر. أدرك أن السحابة المختفية هى تلك، التي أمسك بها ولفها على المغزل. عند ذلك خلع سترته البيضاء وفكها إلى خيوط وأيضًا الوشاح والقفاز الأيمن، وإحتفظ فقط بفردة القفار الأيسر للذكرى.
بعد ذلك فرد الخيوط البيضاء، وجمعها مع بعضها في كومة من الصوف، وصارت سحابة ركامية كبيرة تشبه خروفًا ضخمًا. دفع الصبي السحابة على حافة الهاوية وتركها، وهى بدورها إرتفعت مباشرة إلى السماء.
ألقت السحابة ظلا باردا على وجه الصبي، وكأنها تشكره على الحرية. وبسرعة ظهرت السُحب في السماء من جميع الأنحاء: الركامية المُسطحة، والشديدة القوة، وحتى المُشعة. إصطفت السُحب في صف واحد، ودارت في رقصة مستديرة، لتلتقي بأختها السحابة المفقودة.
الصبي ينظر من أسفل على الإستعراض الإحتفالي للسُحب. وكانت تطير أمام أعينه أبقار ذات جوانب بيضاء، وحوت، وسفينة كبيرة لها شراع، وقبعة مستديرة، وقدم عملاق، وثلاث كرات، وآيس كريم الفانيليا.
– ها هى سحابتي، وهذا خروفي الأشعث. طيري في السماء، سأشتاق إليكي. هبطت سحابته كثيرًا فوق الصبي، ولوحت بطرفها. بعد ذلك إنطلقت لأعلى، هناك، حيث تسبح ببطء أخواتها السُحب عاليًا بشكل جميل في المحيط الأزرق.
وأسفل، يمتد وادي مزهر به أشجار عالية، تغطيه السُحب من الحرارة، والنهر السريع، والذي على شاطئه تمشي الأغنام والأحصنة، وقد انعكست السماء، والسحب، والشمس في النهر، والصبي، الذي يرتدي قفازًا طائرًا على خيط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى