أخبار عاجلةأراء حرةالرئيسية

الحاجة إلى المعنى لا الإنجاز… لماذا لا يكفينا النجاح وحده؟

 

في عالم يقيس قيمة الإنسان بما يحققه، أصبح الإنجاز هدفًا في حد ذاته، لا وسيلة لحياة أفضل. نعمل، نركض، نحقق، ثم ننتقل فورًا لما بعده، وكأننا في سباق لا خط نهاية له. ومع الوقت يكتشف كثيرون حقيقة مربكة: النجاح موجود، لكن الإحساس مفقود. هنا يظهر سؤال صامت لكنه ثقيل: لماذا لا أشعر بالاكتفاء رغم كل ما أنجزته؟

المشكلة ليست في الإنجاز، بل في تحويله إلى بديل عن المعنى. الإنجاز يمنحك شعورًا مؤقتًا بالقيمة، لكنه لا يمنحك سببًا عميقًا للاستمرار. أما المعنى، فهو ما يربط ما تفعله بما تشعر به، ويجعل لحياتك اتجاهًا لا مجرد حركة. حين يغيب المعنى، يصبح الإنجاز عبئًا، ويتحوّل النجاح إلى مهمة أخرى تُضاف لقائمة طويلة من المهام التي لا تنتهي.

كثيرون يعيشون حياة مليئة بالنتائج، لكنها خالية من الرضا. ينجزون ما يُنتظر منهم، لا ما يشبههم. يطاردون أهدافًا صُممت لإرضاء المجتمع، لا لإشباع أرواحهم. ومع كل خطوة للأمام، يشعرون بأنهم يبتعدون خطوة عن أنفسهم. الإنجاز بلا معنى يشبه صعود سلم طويل لا يؤدي إلى مكان.

نصيحتي لك أن تتوقف عن سؤال: “ماذا سأحقق بعد ذلك؟”
واسأل بدلًا منه: “لماذا أفعل ما أفعله أصلًا؟”
المعنى لا يُقاس بالحجم ولا بالعدد، بل بالإحساس. قد يكون في عمل بسيط تحبه، أو علاقة صادقة، أو أثر تتركه في حياة شخص واحد. المعنى لا يحتاج جمهورًا، يحتاج صدقًا.

لا تجعل حياتك مشروع إثبات دائم. لست مطالبًا أن تكون ناجحًا طوال الوقت، بل أن تكون منسجمًا مع نفسك. اختر إنجازات تشبهك، حتى لو كانت أقل بريقًا. اختر طريقًا تشعر فيه بأنك حي، لا مجرد مشغول.

في النهاية، الإنسان لا يتعب لأنه لا ينجح، بل لأنه ينجح في أشياء لا تعنيه. المعنى هو ما يجعل الجهد محتملًا، والطريق مفهومًا، والحياة أخفّ. وإن لم تجد المعنى فيما تفعل، فلن ينقذك أي إنجاز من الشعور بالفراغ. اختر المعنى أولًا… وسيأتي الإنجاز في مكانه الصحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى