ساحة الإبداع

حق اتخاذ القرار ..ل هشام فياض

 

 

كان لوالدي صديقٌ يمتلك معملاً لتفريخ الكتاكيت ، فقام بإهدائه عددًا منها، لا أتذكره ، وضعتهم أمي في ركنِ من حديقة الفيلا داخل قفص مصنع من جريد النخيل ،كل عدة ساعات تقدم لهم وجبةً من الطعام ،وبواقي الخبز المبلل بالماء. بعد عدة أسابيع الكتاكيت أصابها التعب، أصبحت غيرَ مقبلةٍ على تناول الطعام ، ماتت الكتاكيت الواحد تلو الآخر ، إلا كتكوتًا واحدًا ذا رقبة خالية من الريش تمامًا . أخذته وأدخلته حجرتي وأصْررتُ أن يقيم معي فيها، بعد جدال طويل مع أمي رضختْ لرغبتي ، بشرط أن أقوم أنا بتنظيف بلاط الحجرة كل يوم . أصبحتُ أنا ووحيد صديقين ،هكذا أسميته ، حيث أصبح وحيدًا بعد موت الكتاكيت الأخرى. قاسمني فراشى ومكتبي ووقتي ،كبر وحيد وأصبح ديكًا يشار له بالعُرف الأحمر القرمزي ، وأصبح متمردًا لا ينفذ الأوامر، ومن حين لآخر يريد الخروج إلى الحديقة خاصة إذا سمع أصوات دجاجات الجيرانغاوي دجاجات” . عُدت يومًا من المدرسة أبحث عنه ، فلم أجده ، خرجت إلى الحديقة لربما قد أغرته إحدى الدجاجات ، لكن دون جدوى ، سألت أمي عنه ، فإذا بها تتلعثم في الكلام وقالت : لقد …ذ…ذ…ذبحته من أجل خالك الذي أتي دون موعد مسبق ، لم أجد ما أقدمه إليه ، فقمت بذبح وحيد ، دخلتُ إلى حجرتي وانهمرتِ الدموع من عيني ” كنت ومازلت لا أحب أن يرى دموعي أحد ، حتى أمي “. خرجت من حجرتي بعد نصف ساعة أنتظر خالي الذى كان في وصلة من نوم القيلولة . عندما استيقظ واجهته بوابل من الغضب: _ أكرهك …لا أحب أن تأتي لبيتنا مرة أخرى ، أنت السبب في ذبح صديقى ، أنا أكرهك . وأمي رحمة الله عليها، دمعت عيناها من كثرة الضحك ، تحاول تهدئة خالي وتقول له: _لا عليك يا أخي ، هو يتحدث عن وحيد ، الديك الذى التهمته على الغداء . هذه هي الوسيلة الوحيدة كي أتخلص منه ومن خُيلائه ، كان وهو يتجول في أرجاء الفيلا ، يظن أنه طاووسًا ، ويُخرج لي لسانَه وينشر فضلاته في كل مكان ، سمعتُه يومًا يهمس فى أذن دجاجة الجيران عن الديمقراطية ،وحقه في اتخاذ القرار ، وأنه مل العيش في حجرة ضيقة ، وتناول ما يتبقى من طعام ،وأنه ديك ومن حقه أن يكون له بيتٌ وأسرة ،وأنه في بلد ديمقراطي ، خشيت أن يتأثر ابني بأفكاره ، وأنت تعلم أننا في بلد ديمقراطي صحيح ،ولكن ديمقراطية بأنياب وأظافر ، ذبحته … لقد نال جزاءه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى