ساحة الإبداع

“البحر واللوحة”…. إيمان عنان

 

البحر واللوحة قصة : إيمان عنان


يبدو غريبًا غامضًا وهو يحتضن ريشته بأنامله النحيلة، لم يعد قادرًا على مغادرة الشاطيء الذي شهد ذكرياته السعيدة والمؤلمة، استسلم للوحدة ، لم تقو على مسامرته سوى ريشته وألوانه وألواحه الورقية، كانت لوحاته تتسم بالغموض، أحياناً كان يرسم وديانًا أو آفاقاً ممتدة بلا نهاية، وأحيانًا كان يرسم هياكل آدمية وتلالاً وأمواجًا تحمل نوارس ميتة، لكن أنامله شرعت هذه المرة في رسم خطوطٍ عشوائية لفتت أنظار من حوله ممن لم يقوَ أحدهم على فك طلاسمه، كان شاردًا وبدا منفصلاً عن العالم كأنه في جزيرة تتوسط البحر، اكتملت أركان لوحته، ذكريات أحياها على لوحته الورقية تلك، لم يمنعه القدر من أن يطلق لأحلامهِ العنان، نظر إليها : ـ ألا زلت تذكرني؟ ـ لا أعرف في النساء إلا صورتك. ـ الناس حولنا. ـ لا أسمع من الناس إلا صوتك. ـ البحر يناديني. ـ لن أسمح له أن يحرمني منكِ. ـ عرائسه تنتظرني. ذرفت عبراتٍ ساخنة، هبت رياح الشمال، أطاحت بلوحته في عرض البحر، عانقت أمواجه، تلوح له بيدها، تستجديه أن ينقذها، وهو يرصد معشوقته على حالها في غدوها ورواحها، صعودها وهبوطها، غابت عن نظره، استسلم لبكاءٍ طويل، أرسله في السماء في نبراتٍ كالأنين، وتعلقت روحه بسماءٍ لم يعتدها من قبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى