اختفاء قصة : منال رضوان
كنت خادمتها تلك التى أبدًا لم تكن تغير من جلستها أمام المدفأة صيفًا وشتاءً، غير أننى أخفض لها النيران إشفاقًا عند موسم اقتطاف الورد.
هى لا تحب التحدُّث كثيرًا ولا تستطيع الوقوف دون الاستناد إلى عصا صغيرة نظراً إلى ساقيها المتعبتين.
لم تكن سيدتى تطالبنى سوى بدفترها الصغير لتخط إحدى رسائلها إلى أستاذها القديم، والتى لم أكن ألمح منها إلا اقتباس للمجدلية.
ربى ومعلمى:
أسألك المجىء ……
لابد وأنها تعلم بخبث طويتى فتخفى دومًا سطورها عن عينىَّ الشغوفتين، ثم تطالبنى بوضع رسائلها الحبيسة فى صندوق البريد.
آه. كم هى بلهاء إذ أنها تنتظر لسنوات لكن معلمها أبدًا لا يستجيب.
اليوم لاحظت أن وجنتيها قد توردتا بعد أن عثرت لها على رسالة باسمها فى صندوقها التعس ولا شك أنها من ذلك السيد الغريب.
ما أن قرأت رسالتها الوحيدة حتى خطت آخر كلماتها قبل أن تسقط من يدها ورقة متهالكة تعرف طريقها نحو المدفأة لالتقطتها قبل أن تحترق وأقرأ إحدى رسائلها للمرة الأولى والأخيرة أيضًا.
ربى ومعلمى..
رأيتك مختلفًا لكنك آثرت الاختفاء يوم سألتك معجزة الشفاء لساقىَّ المقوستين، فربما استطعت ذات يوم أن أخفض نيران المدفأة دونما انتظار المساعدة.