فعل السحر في الكتابة بقلم دكتورة : أنجي البسيوني
الكتابة يا سادة … هى بوابتنا السحرية إلى براحات العقل الفسيح ، ما أن تستدعى أوراقك حتى يمطر فكرك وابل حبره فتجد نفسك مغامراً سندبادياً يمتطى بساطاً سحرياً يتأرجح ذات اليمين وذات اليسار على متن غيمة فيسبح بك وسط عزيف الريح فتتطاير على إثره منك الصفحات ، فيسافر بك بلداناً ينعشك نسيمها فى عز القيظ و أخرى يحتضنك دفئها فى غمرة صقيعك الداخلى، ثم تجد نفسك فى زى صياد بسيط على ظهر زورق متهالك وإذا بأسماكه الطازجة تتقافز ما بين السطور ، أو تصبح قرصاناً عِربيداً على متن سفينة تمخر عباب بحر هائج مائج موجه . أو ترتدى جبة درويش صوفي يطوف حول قلبه فتشاركه خشوعه رافعاً وجهه إلى السماء متذوقاً نكهة المطر الغدِق ، أو مستكشفاً قد ثبت للتو عمود خيمته فى سهول لم تطأها قدم فى أقصى أطراف الأرض ، أو غجرية ظالمة الحسن تقطف صحبة من زهور الأقحوان البيضاء بأحراش أحد الغابات البرية ، فيفوح أريجها من بين حروفك المنثورة ، وبخفة صبى مشاكس تراود أصابعك الفراشات الزاهية أجنحتها فتخشاك وتطير لتختفى بين غصون الزيزفون النائمة على ضفاف نهر رقراق ، ثم تجد نفسك عاشقاً تتسكع فى أزقة الحب وتقيم تحت شرفة المحبوب وتحيا على ذمة الأحلام الوردية فتذوب عشقا أو يضنيك الحنين، أو ربما تصير أنت المعشوق ويكون وصالك هو كل منال حبيبك المعذب فى صبوتك . أوتمتطى صهوة فرس جامح من خيول الأساطير القديمة برداء فارس نبيل جسور، تحمل سيفك المهند وتنطلق مسرعاً بين قلاع وحصون شامخة عتيقة فتستنشق عبق التاريخ وسطوة الماضى التليد وعندما تُرهقك أخيلتك وتُجهدك أفكارك تنسلخ من كل هذا و تعود سيرتك الاولى لترتد إلى واقعك بمجرد أن تخلع عنك قلمك وقرطاسك فينتهى الحلم الذى سرقته من جيوب الخيال، وينغلق كتاب الف ليلة وليلة الذى تسكنه حكاياتك أنت وحدك