جائزة البوكر والتغريد خارج السرب بقلم: يحي سلامة
لم تكن مجرد ندوة ادبية او حلقة نقاشية معتادة للحديث عن عمل ادبي او اطلالة علي المشهد الثقافي
بل كانت هي (التغريد خارج السرب) بالمعني الرمزي والحرفي او العزف ليس المنفرد ولكن العزف المنفرد المتميز
هكذا كانت الندوة الرائعة والمتميزة التي نظمتها مؤسسة براديس للثقافة والفنون برئاسة الصديق الشاعر الكبير /الجميلي أحمد وادارها باقتدار وحرفية عالية الصديق الشاعر /عادل عبد الموجود وتحدث فيها فارس النقد الأدبي
الأستاذ الدكتور /حسام عقل
للخديث عن الرواية الفائزة بالمركز الأول لجائزة البوكر العربية للرواية وهي رواية (خبز علي طاولة الخال ميلاد) للأديب الليبي محمد النعاس
وتأتي اهمية هذه الندوة ومناقشة هذه الرواية في ظل حالة الغضب التي انتابت بعض الأشخاص في الوسط الادبي والثقافي نتيجة فوز الاديب الليبي بالجائزة بينما أخفق اديب مصري تقدم لنفس الجائزة ولم يحالفه الحظ بالفوز بها.
وبين الأصوات التي تعالت ونادت وبنزعة (قومية) بأحقية الاديب المصري بالفوز والتقليل من فوز الاديب الليبي والتصريح بعدم احقيته للفوز
جاءت كلمة الدكتور حسام عقل لتفض الاشتباك الدائر علي الساحة الأدبية المحتقنة
قدم الدكتورحسام عقل شهادته بعيدا عن لغة القومية والانتماء والذي اصبح محصورا في المثل الشعبي (انا واخويا علي ابن عمي)
جاء حديث الدكتور حديثا اكاديميا علميا مهنيا لا يعترف بالمجاملة ولا التحامل
فقد قرأ الروابتين الرواية. الفائزة بالجائزة الاولي والرواية التي اخفقت في الفوز
وفاضل بينهما من حيث المعايير الفنية للسرد من حيث الحبكة الدرامية والايقاع والحوار وتكثيف اللغة بين الروايتين.
ليقرر في الأخير ان رواية (خبز علي طاولة الخال ميلاد) هي الرواية الجديرة بالفوز بالجائزة وفقا للمعايير النقدية والادبية
وهذه الشهادة هي شهادة أكاديمية مسئولة تتحمل امانة المسئولية الادبية والعلمية بعيدا عن لغة (انا واخويا علي ابن عمي)
والدكتور حسام بشهادته هذه انما أقر تقليدا (كان غائبا اما بقصد او بدون قصد) وهو ان المعايير العلمية والفنية يجب احترامها ويجب اخراجها من النظرة الضيقة للوطنية والانتماء ففي الأخير الفائز بالجائزة ليبي (من دولة عربية) والمنافس له مصري (من دولة عربية اخري) ودلل علي انه قد سبق وفاز بالجائزة اثنان من الادباء المصريين هما الاديب بهاء طاهر والاديب يوسف زيدان
وبعيدا عن حديث القومية والعروبة والوطن الواحد
يجب ان ننتبه الي شئ جوهري وهو ان الجائزة عربية ويتقدم لها الادباء العرب
وجميع الاباء المتقدمين للجائزة (سواء الفائزين او الخاسرين من القائمة الطويلة او القائمة القصيرة) تجمعهم لغة واحدة في الابداع وهي (اللغة العربية) فجميع الأعمال مكتوبة باللغة العربية وليس هناك عمل مكتوب بلغة من اللغات الاجنبية.
ووحدة اللغة هذه هي الجوهر فالجميع يتعامل مع نفس اللغة بأساليبها النحوية والصرفية والبلاغية ويخرج ابداعاته ورؤيته فوق صفحات روايته .
اي ان المفاضلة هنا مفاضلة محكومة بمدي تطويع الأديب لحصيلته اللغوية ومدي تمكنه من ادوات وفنيات الكتابة السردية.
وبالطبع هذه فروق فردية تمير كاتب عن اخر.
اذن فوحدة اللغة الابداعية ساعدت كثيرا او سهلت من مهمة لجنة التحكيم المانحة للجائزة
ليتضح لنا في الاخير ان جائزة ادبية عربية كبري بحجم وقيمة جائزة البوكر هي جائزة للعرب جميعا ليس بالمعني القومي والسياسي الذي يتخذ خطابا انشائيا عاطفيا مملوء بالحماسة ولكن بالمعني الأدبي والثقافي واللغوي فاينما كانت وجهة الجائزة سواء اتجهت شرقا نحو الخليج او اتجهت غربا نحو المحيط او حتي شمالا نحو البحر المتوسط او جنوبا نحو البحر الأحمر فهي في الأخير مكسب للادب العربي والثقافة العربية ورسوخا وتثبيتا. للغة العربية الثرية جدا والتي تتسع وتستوعب كل الوان وأصناف الأدب المختلفة لتبقي لغة نابضة بالحياة والابداع لجميع المثقفين والقراء العرب
وفي الاخير اهنئ الأديب محمد النعاس علي فوزه بجائزة البوكر
واهنئ معه الثقافة والأدب العربي الذي كسب قلما جديدا مبدعا يساهم مع باقي الاقلام العربية المبدعة للنهوض بالادب والثقافة العربية كي تحتل مكانها ومكانتها المستحقة بين اداب وثقافات العالم فلغة القران الكريم هي الاجدر باحتلال المكانة الاولي بين لغات العالم (علما وادبا وثقافة وجميع صنوف الابداع
وفي الأخير اتوجه بالشكر والتقدير للفارس الجسور الصديق العزيز الاستاذ الدكتور /حسام عقل علي هذه الاطلالة والرؤية الموضوعية الجادة التي افادتني كثيرا