أخبار ثقافيةأخبار فنية

الحضرة الزكية بقلم: يحي سلامة

الحضرة الزكية  بقلم: يحي سلامة
 

كانت بالفعل حضرة زكية بالمعني الروحي والدلالي لها ولم تكن ندوة لمناقشة الديوان الخامس للشاعرة المتألقة عفاف أحمد التركي (باب خلفي لاختراق الوحي) وهو تحت الطبع ولم يصدر بعد.

الحضرة كانت في مؤسسة براديس للثقافة والفنون بقيادة الشاعر الكبير /الجميلي احمد رئيس مجلس ادارة المؤسسة

والذي تحدث في بداية الندوة عن الشاعرة عفاف التركي وتجربتها الشعرية والابداعية حديث الناقد وليس حديث الصديق فاثني علي شعرها من حيث التركيب والالفاظ والافكار عاتبا لها في الوقت نفسه علي ما اسماه (غزارة الكتابة) والتي تصل احيانا ان تنشر الشاعرة نصين لها علي صفختها الشخصية محذرا لها من ان هذا الامر قد يفقد اشعارها البريق ويرهق ويقلل من متابعيها ومعجبيها فجاءت مداخلته منصفة وناصحة نصح الصديق المخلص لصديقه

والتف فيها اصدقاء وصديقات الشاعرة المتألقة تعبيرا عن محبتهم ومودتهم الخالصة لعفاف الانسانة (الاخت والبنت والصديقة للجميع) وتقديرهم لعفاف الشاعرة المتألقة

وتكتمل الحضرة بوجود أساتذة النقد الكبار

الاستاذ الدكتور /حسام عقل فارس النقد الادبي

والناقد الكبير الاستاذ /السيد طه

والشاعر والناقد الاستاذ الكبير /سيد فؤاد زعيتر

بادارة حكيمة ومميزة للمنصة من الشاعر الكبير /احمد اسامة عمر

فكانت الحضرة الزكية بالتعبير الصوفي لمناقشة ديوان الشاعرة (باب خلفي لاختراق الوحي) وهو ماتم تصنيفه من السادة النقاد انه ينتمي للادب الصوفي او كما عرفه الدكتور حسام بالأدب المعراجي (علي غرار رسالة الغفران للمعري والكوميديا الالهية لدانتي)

واذا كان الشعر كما اراه (من وجهة نظري) هو اعادة تقييم وتقديم الذات الشاعرة لنفسها وموضوعاتها وهمومها في صورة قصيدة  بصورة مدهشة للمتلقي فهذا ماينطبق علي ديوان عفاف قولا وفعلا وذلك لسببين

الاول ان الديوان ينتمي لشعر العامية (وليس الفصحي) من حيث اللغة

والثاني ان قصائد الدبوان تشتبك وتستلهم روافدها البنائية والدلالية والفكرية من التصوف بكل مابعنيه ويحمله من روحانيات ودلالات وتأويلات وتفسيرات للذات والواقع.

وقد وافق الاستاذ الدكتور حسام عقل الصواب حين عرف معراج الذات الشاعرة قي الديوان (انه رحلة تبدأ من الذات وتنتهي الي الذات نفسها ) وبهذا التعريف لخص الدكتور حسام تعريف التصوف (بعيدا عن اشكاليات الاختلافات والايدلوجيات) فجوهر التصوف الحقيقي او حتي جوهر الايمان هو المعراج من النفس الأمارة بالسوء الي النفس اللوامة وصولا الي النفس المطمئنة وممكن ان نسقط هذه المراحل الثلاث علي التجربة الصوفية للمتصوف الذي ينتقل في رحلته الروحانية من مرحلة المريد الي الاحوال وانتهاءا الي المقامات وهذا التصور بهذه المراحل الثلاث هو  جوهر التصوف الحقيقي عند ائمة التصوف كالامام الجنيد وابي يزيد البسطامي وحتي عند الحلاج وابن عربي وغيرهم من ائمة التصوف.

وتكتمل الدهشة عندما سأل الدكتور حسام الشاعرة هل قراتي ديوان (الحضرة الزكية) للشاعر الكبير فؤاد حداد والذي اتكأ فيه علي التجربة الصوفية (موضوعا وفكرا والفاظا)

فجاءت اجابة الشاعرة بالنفي وانها لم تقرأ هذا الديوان لينقلتا الدكتور حسام بمداخلته الي منطقة اخري شائكة تتمثل في قضايا التأثير والتأثر والتناص والاقتباس واحيانا تمتد الي السرقات الادبية ليقرر ببساطة اننا (كشعراء وادباء نتعامل مع الكلمة) نفكر نفس التفكير ونشعر بنفس الاحاسيس ابتداءا من هوميروس شاعر الالياذة حتي الشاعرة عفاف احمد التركي.

وبالفعل هذه هي الحقيقة اننا لانعيد افكار السابقين كما يستسهل البعض ولكننا نعيش نفس مشاعرهم ونعبر عما عبروا عنه فالشعر في الاخير هو نشاط وجداني ومشاعر انسانية متدفقة من حب وحزن وانتصار وانكسار الخ وهي مشاعر خلقها الله في الانسان لتبقي داخله منذ ادم عليه السلام وحتي قيام الساعة .

وباكتمال الحضرة الزكية جاءت مداخلة الشاعر سامح هريدي (شاعر الغلابة) والتي قال فيها ان الشعر رزق من عند الله وان الشاعر الحقيقي هو من يفرح لنجاح غيره من الشعراء والشواعر ولا يحقد عليهم او بحاول تعطيلهم والتعتيم عليهم والتقليل من ابداعاتهم.

وبالطبع دعوة سامح ليست دعوة ايمانية وفريضة واجبة كما جاء في حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم (لايؤمن احدكم حتي يحب لأخيه مايحب لنفسه) وانما هي حادث وواقع لنا ان نتأسي به نحن الشعراء واعني عندما تم مبايعة امير الشعراء احمد شوقي لامارة الشعر العربي في مؤتمر الشعر العربي عام 1927 فجاء معاصره الشاعرالكبير حافظ ابراهيم هاتفا بقصيدة مطلعها:

أمير القوافي قد أتيت مبايعا

وهذي وفود الشرق قد أتت معي

ليعلن انه هو من جاء اولا وليس ملبيا للدعوة او مستسلما للأمر الواقع وراي الوفود وكأنه هو الداعي والقائد لهذه التظاهرة الشعرية ولم يحتج او يقاطع تلك التظاهرة ليسكت الألسنة التي تحدثت (ومازالت تتحدث عن الخلافات بين شوقي وحافظ)

وعلي ذكر امير الشعراء احمد شوقي جاءت مداخلة الناقد والشاعر الكبير /سيد فؤاد زعيتر الذي تحدث عن تعمد تشويه الرموز الادبية والفنية (وهو موضوع شائك وللاسف يتم طرحه من ان لاخر علي وسائل الاعلام والسوشيال ميديا )ليقول ماذا سيبقي لنا بعد هدم امير الشعراء احمد شوقي والتقليل منه وبعد هدم ام كلثوم او احمد رامي او نجيب محفوظ وغيرهم من الرموز والاعلام

ليقول ببساطة وتحدي شديد من لم يعجبه هؤلاء فليأتي باعمال من عنده لاتساوي اعمال وانجازات هؤلاء العظام بل تفوقهم

ابداعا وجودة وعندئذ يحق له ان يرميهم بالحجارة ويهيل عليهم التراب

لتكتمل بمداخلة الناقد الكبير سيد فؤاد زعيتر الحضرة الزكية من ضرورة احترام (وليس تقديس )شيوخ الشعراء والادب والفن اذا جاز لنا التعبير باللغة الصوفية

لأري في الأخير ان ديوان (باب خلفي لاختراق الوحي) قد فرض نفسه وفرض موضوعاته الصوفية الروحانية علي المكان والحاضرين ليتحدث الجميع بلغة واحدة دونما اتفاق مسبق بينهم وكانهم قد أخذوا الاشارة من مقولة الناقد الكبير الاستاذ /السيد طه الذي تحدث في بداية الندوة وأطلق علي الديوان رحلة المعراج الروحي

خالص التهنئة والمباركة للاخت والصديقة الشاعرة المتألقة /عفاف احمد التركي والتي بشهادة النقاد فرضت نفسها وتجربتها الشعرية الممتدة علي الوسط الأدبي عامة وعلي شعر العامية خاصة كشاعرة متميزة لها اسلوبها وتجربتها الخاصة التي لا تتشابه ولا تتماثل مع تجارب الاخرين

وكل التحية للشاعر الكبير /الجميلي احمد وادارة مؤسسة براديس للثقافة والفنون علي جهدهم الوافر والمشكور في خدمة الادب والثقافة والفن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى